وأما كون الحال نكرة فقد جاءت معرفة في بعض المواضع كقولهم:
((أرسلها العراك)) أي معتركة و ((افعله جهدك وطاقتك)) أي مجتهداً، و ((كلمته فاه إلى في)) أي [مشافهاً]، وكل ذلك معرفة.
أمَّا كونُ الحال مُشتقة فغيرُ لازمٍ أن قولَهم: ((جَهدُك وطاقَتُك)) ليس بمشتقٍّ عندكم وهو الحال فكذلك قولهم: ((مررتُ بالحيَّةِ ذِراعاً وطولها)) ومنه قولُه تَعالى: {ولقد صرفنا في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتقون، قرآناً عربياً} ف ((قُرآناً)) حال، وليس بمشتق، وتقول: مررت بزيد رجلاً صالحاً ((فرجلاً)) حال وليس بمشتق.
وأمَّا تقديمُ الحالِ فجائزٌ عندكم، وأمَّا عندنا فلا يَجوزُ لمانعٍ وهو الإِضمارُ قبلَ الذكرِ ولم يُوجد المانع في المنصوب بكان.
والجوابُ: أمَّا حذف الحال فجائزٌ في كلِّ موضعٍ ثم الكلام على ما قبلها، فأما قولهم: مررت بكل قائماً فإنما لم يسغ حذفها فيه لأن صاحب الحال ـــ على التحقيق ـــ محذوفٌ؛ لأن التقدير مررت بكل رجل أو بكل القوم فصاحبُ الحال هو المضاف إليه، ومنه قوله تعالى: {ولكلِّ درجاتٌ مما عَمِلُوا} أي لكل فريق أو واحد فلما حذف جعل حاله دليلاً عليه، وكذلك