وإنْ تألَّمَت النَّفْسُ بمفارقة المحبوب، فَلْيُوازِنْ بين فَوَاتِ هذا المحبوب الأخَسِّ المنقطِعِ النَّكِدِ، المَشُوب بالآلام والهموم، وبين فوات المحبوب الأعظم الدائم الذي لا نسبةَ لَهذا المحبوب إليه أَلْبَتَّةَ؛ لا في قَدْرِهِ، ولا في دَوَامِهِ (?) وبقائه.
وَلْيُوازِنْ بين ألَم فَوتِه، وبين أَلَم فَوتِ المحبوبِ الأخَسِّ [ز/ 150].
وَلْيُوازِنْ بين لذَّةِ الإنابةِ والإقبالِ على الله تعالى، والتنعُّمِ بحُبِّهِ، وذِكْرِهِ، وطاعتِه؛ ولذَّةِ الإقبال على الرذائل، والأنْتَانِ، والقبائح.
وَلْيُوازِنْ بين لذَّةِ الظَّفَر بالذَّنْب، ولذَّة الظَّفَر بالعَدُوِّ؛ وبين لذَّةِ الذنب، ولذَّةِ العِفَّةِ؛ ولذَّةِ الذنب، ولذَّةِ القوَّة وقَهْر الهَوَى؛ وبين لذَّةِ الذنب، ولذَّةِ إرغام عدوِّهِ وردِّهِ خاسئًا ذليلًا؛ وبين لذَّةِ الذنب، ولذَّةِ الطاعة التي تَحُولُ بينه وبينَه؛ وبين مرارة فَوته، ومَرَارةِ فَوتِ (?) ثناء الله -تعالى- وملائكته عليه، وفَوتِ حُسْنِ جزائه، وجزيلِ ثوابه؛ وبين فرحةِ إدراكِه، وفرحة تركه لله -تعالى- عاجلًا، وفرحةِ ما يُثيِبُهُ عليه في دنياه وآخرته، والله المستعان.
وهذا فصلٌ جَرَّهُ الكلام في قوله تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، أشرنا إليه إشارة (?)، لو استقصيناه لاستدعَى عِدَّةَ أسفارٍ، ولكن فيما ذكرناه تنبيه على ما تركناه. وبالله التوفيق.