فكيف بالكثير؟
وهذا ضعيفٌ لوجوه:
أحدها: أن هذا ليس بلازمِ لوصف المتقين الذين يستحقون هذا الجزاء.
الثاني: أنَّ قيامَ من نام من الليل نِصْفَه أحبُّ إلى الله مِنْ قيام مَنْ قامَهُ كلُّه.
الثالث: أنهُ لو كان المراد بذلك إحياء الليل جميعِه لكان أَوْلَى النَّاس بهذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وما قام ليلةَ حتَّى الصَّبَاح.
الرابع: أنَّ الله -سبحانه- إنما أمر رسوله أنْ يتهجَّدَ بالقرآن من الليل؛ لا في الليل كلِّه، فقال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ [ز/103] بِهِ} [الإسراء: 79].
الخامس: أنه -سبحانه- لمَّا أمره بقيام الليل في سورة "المُزَّمل" إنَّما أَمَرَهُ بقيام النِّصْفِ، أو النقصانِ منه، أو الزيادةِ عليه، فذكر له هذه (?) المراتبَ الثلاثة، ولم يذكر قيامه كلَّه.
السادس: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - لمَّا بَلَغَهُ عن عثمان بن مَظْعُون [ك/83] أنه لا ينام من الليل، بعث إليه فجاءهُ، فقال: "يا عثمان أرَغِبْتَ عن سُنَّتي؟ " قال: لا والله يا رسول الله، ولكن سُنَّتك أطلب، قال: "فإنِّي أنامُ وأصلِّي، وأصُوم وأفطر، وأنكحُ النساء، فاتَّقِ الله يا عثمان، فإنَّ لأهْلِكَ عليكَ حقًّا، وإن لِضَيفك عليك حقًا، وإنَّ لِنَفْسِك عليك حقًا، فَصُمْ وأفْطِرْ،