والمشهور في تفسير هذا الحرف أنَّه بمعنى: يُحْرَقُون (?)، ولكن لفظة "على" تعطي معنىً زائدًا على ما ذكروه، ولو [ح/107] كان المراد نفس الحريق لقيل: يوم هم في النَّار يفتنون (?).
ولهذا لمَّا عَلِمَ هؤلاء ذلك قال كثيرٌ منهم: "على" بمعنى "في"، كما تكون "في" بمعنى "على".
والظاهر أنَّ فتنتهم على النَّار قبلَ فتنتهم فيها، فَلَهُم عند عرضهم عليها ووقوفهم عليها فتنةٌ، وعند دخولها والتعذيب بها فتنةٌ أشدُّ منها.
فَهُمِ ومَنْ جعل "الفتنةَ" ههنا من: الحريق؛ أخذه من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} [البروج: 10]، واستشهد على ذلك -أيضًا- بهذه اللفظة التي في "الذَّاريات".
وحقيقة الأمر أنَّ "الفتنة" تطلق على العذاب وسببه، ولهذا سمى اللهُ الكفر: فتنةً، فهم لمَّا أَتَوا بالفتنة -التى هي أسباب العذاب- في الدنيا سمى جزاءهم: فتنةً، ولهذا قال: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ}، وكان وقوفُهم على النَّار وعرضُهم عليها من أعظم فتنتهم، وآخر هذه الفتنة دخولُ النَّار، والتعذيبُ بها.
فَفُتِنُوا أوَّلاً بأسباب الدنيا وزينتها، ثُمَّ فُتِنُوا بإرسال الرُّسُل إليهم، ثُمَّ فُتِنُوا بمخالفتهم وتكذيبهم، ثُمَّ فُتِنُوا بعذاب الدنيا، ثُمَّ فُتِنُوا بما بعد