عليهم بظلمته لَمَا هَدَأُوا، ولا قَرُّوا، ولا سكنوا، بل جعله أحكم الحاكمين سَكَنًا ولباسًا، كما جعل النَّهار ضياءً ومعاشًا.
ولولا الليل وبَرْدُه لاحترقت أبدان النَّبَات والحيوان من دوام (?) شُرُوق الشمس عليها، وكان يحترق ما عليها من نباتٍ وحيوانٍ، فاقتضت حكمة أحكم الحاكمين أن جعلها سراجًا يطلع على العالم في وقت حاجتهم إليه، ويغيب في وقت استغنائهم عنه. فطُلُوعُه لمصلحتهم، وغيبته لمصلحتهم، وصار النُّور والظُّلْمة -على تضادِّهِما- متعاوِنَين مُتظَاهِرَيْن على مصلحة هذا العالَم وقِوَامه. فلو جعل الله -سبحانه- النَّهار سرمدًا إلى يوم القيامة، أو الليل سرمدًا إلى يوم القيامة؛ لفاتت مصالح العالم، واشتدت الضرورة إلى تغيير ذلك وإزالته بضدِّه.
وتأمَّلْ حكمته -سبحانه- في ارتفاع الشمس وانخفاضها لإقامة هذه الأزمنة (?) الأربعة من السَّنَة، وما في ذلك من مصالح الخلق:
ففي الشتاء تَغُور الحرارة في الشجر والنَّبَات، فيتولَّدُ منها موادُّ الثِّمار، ويَكثُفُ (?) الهواءُ، فينشأُ منه السَّحاب، وينعقد (?)، فيحدث المطر الذي به حياةُ الأرض، ونَمَاءُ أبدان الحيوان والنَّبَات، وحصولُ