فقال {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} فهذا أعجب عجب ممن كفر بمن هو محيط به وآخذ بناصيته قادر عليه ثم وصف كلامه بأنه مجيد وهو أحق بالمجد من كل كلام كما ان المتكلم به له المجد كله فهو المجيد وكلامه مجيد وعرشه مجيد قال ابن عباس رضي الله عنهما قرآن مجيد كريم لأن كلام الرب ليس كما يقول الكافرون شعر وكهانة وسحر وقد تقدم أن المجد السعة وكثرة الخير وكثرة خير القرآن لا يعلمها إلا من تكلم به
وقوله {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} اكثر القراء على الجر صفة للوح وفيه إشارة إلى أن الشياطين لا يمكنهم التنزل به لأن محله محفوظ أن يصلوا إليه وهو في نفسه محفوظ أن يقدر الشيطان على الزيادة فيه والنقصان فوصفه سبحانه بأنه محفوظ في قوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ووصف محله بالحفظ في هذه السورة فالله سبحانه حفظ محله وحفظه من الزيادة والنقصان والتبديل وحفظ معانيه من التحريف كما حفظ ألفاظه من التبديل وأقام له من يحفظ حروفه من الزيادة والنقصان ومعانيه من التحريف والتغيير