وهذه الأقوال إن أريد أن اللفظ دل عليها وأنها هي المراد فغلط وإن أريد أنها أخذت من طريق الإشارة والقياس فأمرها قريب
وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول تفسير على اللفظ وهو الذي ينحو إليه المتأخرون وتفسير على المعنى وهو الذي يذكره السلف وتفسير على الإشارة والقياس وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم وهذا لا بأس به بأربعة شرائط أن لا يناقض معنى الآية وأن يكون معنى صحيحاً في نفسه وأن يكون في اللفظ إشعار به وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطاً حسناً
وأضعف من ذلك كله قول ابن جريج قدحاً يعني فالمنجحات أمراً يريد البالغين بنجحهم فيما طلبوه وعطف قوله فأثرن فوسطن وهما فعلان على العاديات والموريات لما فيه من معنى الفعل
وكان ذكر الفعل في أثرن ووسطن أحسن من ذكر الاسم لأنه سبحانه قسم أفعالنا إلى قسمين وسيلة وغاية فالوسيلة هي العدو وما يتبعه من الايراء والإغارة والغاية هي توسط الجمع وما يتبعه من إثارة النقع فهن عاديات موريات مغيرات حتى يتوسطن الجمع ويثرن النقع فالأول شأنهن الذي أعددن له والثاني فعلهن الذي انتهين إليه والله أعلم.