بنصرة الرجال فذكرهم بنعمه بهذا وهذا وخص الإغارة بالضبح لأن العدو لم ينتشروا إذ ذاك ولم يفارقوا محلهم وأصحاب الإغارة حامون مستريحون يبصرون مواقع الغارة والعدو لم يأخذوا أهبتهم بل هم في غرتهم وغفلتهم ولهذا كان النبي إذا أراد الغارة صبر حتى يطلع الفجر فإن سمع مؤذناً أمسك وإلا أغار
ولما علم أصحاب الإبل أن أخفافها أبعد شيء من ورى النار تأولوا الآية على وجوه بعيدة فقال محمد بن كعب هم الحاج إذا أوقدوا نيرانهم ليلة المزدلفة وعلى هذا فيكون التقدير فالجماعات الموريات وهذا خلاف الظاهر وإنما الموريات هي العاديات وهي المغيرات روى سعيد بن جبير عن ابن عباس هم الذين يغيرون فيورون بالليل نيرانهم لطامعهم وحاجتهم كأنهم أخذوه من قوله تعالى {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} وهذا إن أريد به التمثيل وأن الآية تدل عليه فصحيح وإن أريد به اختصاص الموريات فليس كذلك لأن الموريات هي العاديات بعينها ولهذا عطفها عليه بالفاء التي للتسبب فإنها عدت فأورت وقال قتادة الموريات هي الخيل تورى نار العداوة بين المقتتلين وهذا ليس بشيء وهو بعيد من معنى الآية وسياقها وأضعف منه قول عكرمة هي الألسنة تورى نار العداوة بعظيم ما نتكلم به وأضعف منه ما ذكر عنه مجاهد هي أفكار الرجال تورى نار المكر والخديعة في الحرب