مقعده من الجنة والنار" قيل يا رسول الله أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب قال "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" ثم قرأ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} فقد تضمن هذا الحديث الرد على القدرية والجبرية وإثبات القدر والشرع وإثبات الكتاب الأول المتضمن لعلم الله سبحانه الأشياء قبل كونها وإثبات خلق الفعل الجزائي وهو يبطل أصول القدرية الذين يمنعون خلق الفعل مطلقاً ومن أقر منهم بخلق فعل الجزاء دون الإبتداء هدم أصله ونقض قاعدته والنبي أخبر بمثل ما أخبر به الرب تعالى أن العبد ميسر لما خلق له لا مجبور فالجبر لفظ بدعى والتيسير لفظ القرآن والسنة وفي الحديث دلالة على أن الصحابة كانوا أعلم الناس بأصول الدين فإنهم تلقوها عن أعلم الخلق بالله على الإطلاق وكانوا إذا استشكلوا شيئاً سألوه عنه وكان يجيبهم بما يزيل الأشكال ويبين الصواب فهم العارفون بأصول الدين حقاً لا أهل البدع والأهواء من المتكلمين ومن سلك سبيلهم
وفي الحديث استدلال النبي على مسائل أصول الدين بالقرآن وإرشاده الصحابة لاستنباطها منه خلافاً لمن زعم أن كلام الله ورسوله لا يفيد العلم بشيء من أصول الدين ولا يجوز أن تستفاد معرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله منه وعبر عن ذلك بقوله الأدلة اللفظية لا تفيد اليقين