وقول الآخر:
إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
ومنه الاعتراض بالقسم كقوله:
ذاك الذي وأبيك يعرف مالكاً ... والحق يدفع ترهات الباطل
ومن اعتراض الاستعطاف قوله:
فمن لي بعين التي كنت مرة ... إلي بها نفسي فداؤك تنظر
فاعترض بقوله نفسي فداؤك استعطافاً
فتأمل حسن الاعتراض وجزالته في قول الرب تعالى {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ} فقوله والله أعلم بما ينزل اعتراض بين الشرط وجوابه أفاد اموراً منها الجواب عن سؤال سائل ما حكمة هذا التبديل وما فائدته ومنها أن الذي يدل وأتى بغيره منزل محكم نزوله قبل الإخبار بقولهم ومنها أن مصدر الأمرين عن علمه تبارك وتعالى وأن كلا منهما منزل فيجب التسليم والإيمان بالأول والثاني
ومن الاعتراض الذي هو في أعلى درجات الحسن قوله تعالى {وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} فاعترض بذكر شأن حمله ووضعه بين الوصية والموصى به توكيداً لأمر الوصية بالوالدة التي هذا شأنها وتذكيراً لولدها بحقها وما قاسته من حمله ووضعه