{لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا} لما تضمنه ذلك من الاحتراز الدافع لتوهم متوهم أن الوعد إنما يستحقه من أتى بجميع الصالحات فرفع ذلك بقوله {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا} وهذا أحسن من قول من قال أنه خبر عن الذين آمنوا ثم أخبر عنهم بخبر آخر فهما خبران عن مخبر واحد فإن عدم التكليف فوق الوسع لا يخص الذين آمنوا بل هو حكم شامل لجميع الخلق مع ما في هذا التقدير من إخلاء الخبر عن الرابط وتقدير صفة محذوفة أي نفسا منها وتعطيل هذه الفائدة الجليلة
ومن ألطف الاعتراض وأحسنه قوله تعالى {ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون} فاعترض بقوله سبحانه بين الجعلين وفوائد الاعتراض تختلف بحسب قصد المتكلم وسياق الكلام من قصد الاعتناء والتقرير والتوكيد وتعظيم المقسم به والمخبر عنه ورفع توهم خلاف المراد والجواب عن سؤال مقدر وغير ذلك
فمن الاعتراض الذي يقصد به التقرير والتوكيد قول الشاعر:
لو أن الباخلين وأنت منهم ... رأوك تعلموا منك المطالا
ومما يقصد به الجواب عن سؤال مقدر قول الآخر:
فلا هجره يبدو وفي اليأس راحة ... ولا وصله يصفو لنا فنكارمه
فقوله وفي اليأس راحة جواب لتقدير سؤال سائل وما يغني