والقول إنه يستتاب أحسن؛ لأن كليهما مخاطب، إلا أن هذا - بالإيمان بها، وهذا بالصلاة، وكلاهما عاص في تأخير ذلك، فإذا جاز أن يؤخر هذا لحرمة القتل؛ رجاء أن يعود إلى الإيمان - جاز تأخير الآخرة رجاء أن يتوب ويعود إلى الصلاة، ولا خلاف أن حرمة الإيمان أعظم من حرمة الصلاة، والكل حق لله -عز وجل-. ولا وجه لقول عبد الملك إذا قال: أصلي (?) ولا يفعل- إنه يعاقب، ولا يقتل. ولا فرق بين أن يقول: لا أصلي أو أصلي ثم لا يفعل؛ لعدم الصلاة منهما جميعًا؛ ولقول الله -عز وجل-: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] يريد بالتوبة: الدخول في الإسلام، فأخبر أن القتل إنما يُرْفَعُ عنهم إذا أقاموا الصلاة، وهو الفعل ليس الإقرار بها، ولقول النبي - عليه السلام -: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّيَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا" أخرجه البخاري ومسلم (?).
وهذا الحديث طابق القرآن أنه إنما يعصمه من إراقة دمه أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة.
وعلى القول: إنه تلزم الصلاة قبل خروج الوقت؛ فإن المراعى الوقت الضروري، فإن كان في العصر فإذا بقي لغروب الشمس مقدار الإحرام وركعة دون سجودها - لم يعجل عليه بالقتل قبل ذلك، ولا يراعى قدر القراءة