وليس كما قال؛ لأنَّ الميتةَ عند العرب: ما مات حَتْف نفسه، ليس ما مات من هذه الأشياء، ولو لم يبين اللهُ -عز وجل- الحكمَ فيما مات من هذه الأشياء (?)؛ لأمكن أن يَقَعَ لهمْ أنَّها حلال وأنَّ الحكم فيها بخلاف موتها حَتْف نفسها، أو يشكل عندهم الحكم في ذلك، فأخبر الله تعالى أن الحكمَ فيها التحريم.
وحرَّم الله تعالى الدم في هذه الآية جملةً من غير تقييد، وقيَّد ذلك في سورة الأنعام، فقال: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}. فوجب ردُّ المطلق إلى المقيَّد.
وقد قال ابن شعبان، قوله: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145]. ناسخ لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: 3] (?). وهذا غلط؛ لأنَّ سورة الأنعام مكيةٌ والمائدةُ مدنيةٌ، ولا خلاف أنَّه لا تُنسخ آيةٌ مدنية بآية مكية.
واختَلَفَ قولُ مالك في غير المسفوح، فقال مرَّةً: الدم كلُّه نجسٌ؛ دم بني آدم، والبهائم، وما يؤكل لحمه، وما لا يؤكل، ودم الحوت، والبراغيث (?).
قال في سماع أشهب (?): الدم كله نجس، دم الحوت ودم الشاة. وإذا كان عنده نجسًا فهو حرام.
وقال (?) أيضًا: لا تُعاد الصَّلاة من الدم اليسير (?). قال الله تعالى: {أَوْ دَمًا