(تُهْدَمُ الأَمْوَالُ مِنْ آسَاسِهَا ... أَبَدًا مَا دَامَتِ الْعَلْيَاءُ تُبْنَى)
كَانَ السَّلَفُ يُؤْثِرُونَ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَيُقَدِّمُونَ الأَجْوَدَ الْمَحْبُوبَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ مَا عِنْدَنَا إِلا الْمَاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَضُمُّ هَذَا أَوْ يُضَيِّفُ هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلا قُوتُ الصِّبْيَانِ، فَقَالَ: هَيِّئِي طَعَامَكِ وَأَصْلِحِي سِرَاجَكِ وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ
إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً فَفَعَلَتْ ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ فَجَعَلا يُرِيَانَهُ أَنَّهُمَا يَأْكُلانِ، فباتا طاوبين، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ، مِنْ فِعَالِكُمَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بِسَنَدِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ قَالَ اسْتُشْهِدَ بِالْيَرْمُوكِ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي الْمُغِيرَةِ، فَأُتُوا بِمَاءٍ وَهُمْ صَرْعَى، فَتَدَافَعُوهُ حَتَّى مَاتُوا وَلَمْ يَذُوقُوهُ! أُتِيَ عِكْرِمَةُ بِالْمَاءِ فَنَظَرَ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ هشام ينظر إليه فقال: ابدأوا بِهَذَا فَنَظَرَ سُهَيْلٌ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ينظر إليه فقال: ابدأوا بِهَذَا فَمَاتُوا كُلُّهُمْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبُوا، فَمَرَّ بِهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالَ: بِنَفْسِي أَنْتُمْ!
نَقِهَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ مَرَضٍ فَاشْتَهَى سَمَكَةً، فَلَمَّا قُدِّمَتْ إِلَيْهِ جَاءَ سَائِلٌ فَنَاوَلَهُ إِيَّاهَا.
واشتهى الربيع بن خشيم حَلْوَاءَ فَلَمَّا صُنِعَتْ دَعَا بِالْفُقَرَاءِ فَأَكَلُوا، فَقَالَ أَهْلُهُ: أَتْعَبْتَنَا وَلَمْ تَأْكُلْ فَقَالَ: وَهَلْ أَكَلَ غَيْرِي!
كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَوْصُوفِينَ كَمَا بَيْنَ الْمَجْهُولِينَ وَالْمَعْرُوفِينَ، آثَرْتَ الدُّنْيَا وَآثَرُوا الدِّينَ، فَتَلَمَّحْ تَفَاوُتَ الأَمْرِ يَا مِسْكِينُ، أَمَّا الْفَقِيرُ فَمَا يَخْطُرُ بِبَالِكَ، فَإِذَا جَاءَ