(وَمَا خَلْفَنَا مِنْهَا مَفَرٌّ لِهَارِبٍ ... فَكَيْفَ لِمَنْ رَامَ النَّجَاةَ التَّخَيُّلُ)
(وَكُلٌّ وَإِنْ طَالَ الثَّوَاءُ مَصِيرُهُ ... إِلَى مَوْرِدٍ مَا عَنْهُ لِلْخَلْقِ مَعْدِلُ)
الموت مسرع مجد غير لابث، وَالأَمْوَالُ عَنْ قَلِيلٍ تَمْضِي لِلْوَارِثِ، وَكَأَنَّكَ بِوُقُوعِ الْحَادِثَاتِ وَحَصَادِ الْحَارِثِ، يَا طَوِيلَ الأَمَلِ هَلْ قلبك لا بث، لا تَسْمَعَنَّ الْمَحَالَّ فَلَسْتَ بِمَاكِثٍ، يَا مُطَالِبًا بِالْجِدِّ وَهُوَ لاعِبٌ عَابِثٌ، يَا مُعَاهِدًا بِاللِّسَانِ وَالْعَزْمُ نَاكِثٌ، يَا مَنْ أَعْمَالُهُ إِذَا فُتِّشَتْ خَبَائِثُ، صَرَّحَ الشَّيْبُ وَطَالَ مَا مَجْمَجَ وَوَضَحَ فَجْرُهُ وَمَا كَانَ قَدْ تَبَلَّجَ، أَوْضَحَ طَرِيقَ
الْحَذَرِ وَبَيْنَ الْمَنْهَجِ، أَيْنَ الشَّبَابُ؟ رَحَلَ مُسْرِعًا وَهَمْلَجَ، إِنَّ نَارَ الْفِرَاقِ فِي الْقَلْبِ تَتَأَجَّجَ، إِنَّ فُؤَادَ الْمُتَفَكِّرِ يَكَادُ أَنْ يَنْضَجُ، هَذِهِ خُيُولُ الرَّحِيلِ قَدْ أُقِيمَتْ تُسْرَجُ، وَالشُّكُوكُ قَدْ أُزِيلَتْ وَالْحَقُّ أَبْلَجُ، هَذَا وَأَنْتَ بِالْمَعَاصِي مُغْرًى وَتَلْهَجُ، لَكَ كَأْسٌ مِنَ الْمَنُونِ صَرْفٌ لا يُمْزَجُ، يَا مَنْ هُوَ فِي الْكَفَنِ عَنْ قَلِيلٍ مُدْرَجٌ، يَا لابِسًا حُلَّةً مِنَ الْبَلاءِ لَمْ تُنْسَجْ، يَا مَنْ بِضَاعَتُهُ إِذَا نُقِدَتْ كُلُّهَا بَهْرَجٌ، يَا سَالِكًا طَرِيقُ الْهَوَى عَوْسَجٌ، كَيْفَ الطَّمَعُ فِي الْمُرْتَجَى وَالْبَابُ مُرْتَجٌّ، يَا مَنْ ضَيَّقَتِ الذُّنُوبُ خِنَاقَهُ أَيْنَ الْمَخْرَجُ، يَا عَظِيمَ فَقْرِكَ فِي الْقَبْرِ مَنْ مِنْكَ أَحْوَجُ، مَا هَذَا الْغُرُورُ أَيُّ مُطْمَئِنٍّ لَمْ يُزْعَجْ:
(أَخْلَقَ الدَّهْرُ الشَّبَابَ الْحَسَنَا ... مَا أَظُنُّ الْوَقْتَ إِلا قَدْ دَنَا)
(قَدْ قَطَعْنَا فِي التَّصَابِي بُرْهَةً ... وَجَرَرْنَا فِي الذُّنُوبِ الرَّسَنَا)
(وَرَكِبْنَا غَيَّنَا جَهْلا بِهِ ... فَوَجَدْنَاهُ عَلَيْنَا لا لَنَا)
(وَشَرَيْنَا الدُّونَ بِالدَّيْنِ فَمَا ... عُذْرُ مَنْ قَدْ بَاعَ بَيْعًا غَبَنَا)
لَقَدْ بَانَ السَّبِيلُ وَلاحَ الْمَنْهَجُ، فَمَا لِلْقَلْبِ عَنِ الْهُدَى قَدْ عَرَجَ، أَمَا يُزْعِجُكَ التَّرْهِيبُ؟ أَمَا يُشَوِّقُكَ التَّرْغِيبُ؟ إِلامَ تَرُوغُ عَنِ النُّصْحِ رَوَغَانَ الذِّيبِ، وَتَلَفَّتُ إِلَى أَحَادِيثِ الْمُنَى الأَكَاذِيبِ قِفْ عَلَى بَابِ {وَإِنْ كُنَّا لخاطئين} لتسمع: {ولا تثريب} ، مِنَ التَّوْفِيقِ رَفْضُ التَّوَانِي، وَمِنَ الْخُذْلانِ مُسَامَرَةُ الأماني.