(يا ناسي الموت وهو يذكره ... مالك بِالْمَوْتِ إِذْ أَتَاكُ يَدُ)

(دَارُكَ دَارٌ يَمُوتُ سَاكِنُهَا ... دَارُكَ يُبْلِي جَدِيدَهَا الأَبَدُ)

(تَبْكِي عَلَى مَنْ مَضَى وَأَنْتَ غَدًا ... يُورِدُكَ الْمَوْتُ فِي الَّذِي وَرَدُوا)

(لَوْ كُنْتَ تَدْرِي مَاذَا يُرِيدُ بِكَ ... الْمَوْتُ لأَبْكَى جُفُونَكَ السُّهُدُ)

أَيْنَ الَّذِي ملكوا ونالوا؟ زالوا، وستئول إِلَى مَا إِلَيْهِ آلُوا، هَذَا مَصِيرُنَا يَا مَعَاشِرَ

الْغَافِلِينَ، وَاللُّحُودُ بُيُوتُنَا بَعْدَ التَّرَفِ وَاللِّينِ، وَالْقِيَامَةُ تَجْمَعُنَا وَتُنْصَبُ الْمَوَازِينُ، وَالأَهْوَالُ عَظِيمَةٌ فَأَيْنَ المتفكر الحزين {إنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين} .

يَا رَهِينَ الآفَاتِ وَالْمَصَائِبِ، يَا أَسِيرَ الطَّارِقَاتِ النَّوَائِبِ، إِيَّاكَ وَإِيَّا الآمَالَ الْكَوَاذِبَ، فَالدُّنْيَا دَارٌ وَلَكِنْ لَيْسَتْ بِصَاحِبٍ، أَمَا أَرَتْكَ فِي فِعْلِهَا الْعَجَائِبَ فِيمَنْ مَشَى فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ، ثُمَّ أَرَتْكَ فِيكَ شَيْبَ الذَّوَائِبِ، إِنَّ سِهَامَ الْمَوْتِ لَصَوَائِبُ، لا يَرُدُّهَا مُحَارِبٌ وَلا يَفُوتُهَا هَارِبٌ، تَدُبُّ إِلَيْنَا دَبِيبَ الْعَقَارِبِ، بَيْنَا نَسْمَعُ صَوْتَ مِزْهَرٍ صَارَ صَوْتَ نَادِبٍ، يَا أَسِيرَ حُبِّ الدُّنْيَا إِنْ قَتَلَتْكَ مَنْ تُطَالِبُ، كَأَنَّكَ بِكَ قَدْ بِتَّ فَرِحًا مَسْرُورًا فَأَصْبَحْتَ تَرِحًا مَثْبُورًا، وَتُرِكَ مَالُكَ لِغَيْرِكَ مَوْفُورًا، وَخَرَجَ مِنْ يَدِكَ فَصَارَ لِلْكُلِّ شُورَى، وَعَايَنْتَ مَا فَعَلْتَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا، وَعَلِمْتَ أَنَّكَ كُنْتَ فِي الْهَوَى مَغْرُورًا، وَاسْتَحَالَتْ صَبَا الصِّبَا فَعَادَتْ دَبُورًا، وَأُسْكِنْتَ لَحْدًا تَصِيرُ فِيهِ مَأْسُورًا، وَنَزَلْتَ جَدَثًا خَرِبًا إِذْ تَرَكْتَ قَصْرًا مَعْمُورًا، وَدَخَلْتَ فِي خَبَرِ كان {وكان أمر الله قدرا مقدورا} .

(وَمَا هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ إِقَامَةٍ ... فَيَحْزَنَ فِيهَا الْقَاطِنُ الْمُتَرَحِّلُ)

(هِيَ الدَّارُ إِلا أَنَّهَا كَمَفَازَةٍ ... أَنَاخَ بِهَا رَكْبٌ وَرَكْبٌ تَحَمَّلُوا)

(وَإِنَّا لَمِنْ مَرِّ الْجَدِيدَيْنِ فِي الْوَغَى ... إِذَا مَرَّ مِنْهَا جَحْفَلٌ كَرَّ جَحْفَلُ)

(تُجَرِّدَ نَصْلا وَالْخَلائِقُ مَفْصِلٌ ... وَتُنْبِضُ سَهْمًا وَالْبَرِيَّةُ مَقْتَلُ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015