ذَاكَ الْمَصْرَعِ , عَجَبًا لَكَ تُؤْثِرُ مَا يَفْنَى وَتَعْلَمُ مَا يَبْقَى أَنْفَعُ , يَا مَنْ أَمَارَاتُ طَرْدِهِ مِنْ وَجْهِ صَدِّهِ تَلْمَعُ , لَقَدْ نَادَانَا لِسَانُ حَالِكَ بِدَوَامِ الْقَبِيحِ مِنْ أَفْعَالِكَ غَيْرَ أَنَّا فِيكَ نَطْمَعُ.
(كَمْ تَعْذِلُونَ وَعَذْلُكُمْ لا يَنْفَعُ ... ضَاعَ الْحَدِيثُ فَعَلِمُوا مَنْ يَسْمَعُ)
{وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ له عذاب عظيم} قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ هَذَا نَزَلَ فِي حَقِّ عائشة حين قذفت. وكبره بِمَعْنَى مُعْظَمَهُ. وَقَدْ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُبْرَهُ بِضَمِّ الْكَافِ وَهُمَا لُغَتَانِ. وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ ذَلِكَ ابْنُ أُبَيٍّ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ , أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ , أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , حَدَّثَنِي أَبِي , حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ , عَنْ الزُّهْرِيِّ , أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ [بْنُ عبد الله] ابن عُتْبَةَ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا قَالُوا , كُلُّهُمْ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتُ اقْتِصَاصًا , وَقَدْ وَعِيتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي , وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا.
ذَكَرُوا: أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزَاةٍ فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي , فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ , فَأَنَا أُحمَل فِي هَوْدَجِي وَأَنْزِلُ فِيهِ , فَسِرْنَا , حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوِهِ فَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ أَذَّنَ