شَمْلِكَ وَقَبِيحُ فِعْلِكَ يَصْعَدُ , يَا قَلِيلَ الانْتِفَاعِ بِالْوَعْظِ إِلَى كَمْ تَتَزَوَّدُ.
(يَا قَبِيحَ الْمُتَجَرَّدْ ... كَمْ عَلَيْنَا تَتَمَرَّدْ)
(كَمْ نُرَاعِيكَ وَنُولِيكَ ... وَلِلإِحْسَانِ تَجْحَدْ)
(كَمْ أُنَادِيكَ بِوَعْظِي ... أَتُرَى قَلْبُكَ جَلْمَدْ)
(كَمْ تَرَى أَنْتَ عَلَى الشَّرِّ ... إِلَيِهْ تَتَزَوَّدْ)
(أَوَمَا تَجْزَعُ مِنْ نَارٍ ... عَلَى الْعَاصِينَ تُوقَدْ)
(فَمَتَى تَحَذْرُ فِي الإِسْرَافِ ... مَا مِثْلُكَ يُوعَدْ)
لَقَدْ نَطَقَتِ الْغِيَرُ بِالْعِبَرِ , وَلَقَدْ خَبَرَ الأَمْرَ من عنده خبر , وإنما ينفع البصر ذا بصر , فاعجبوا لِمُقَصِّرٍ عُمْرَهُ فِي قِصَرٍ؛ يَا مَنْ لا يُرى مِنْ تَوْبَتِهِ إِلا الْوُعُودُ , فَإِذَا تَابَ فَهُوَ عَنْ قَرِيبٍ يَعُودُ , أَرَضِيتَ بِفَوْتِ الْخَيْرِ وَالسُّعُودِ , أَأَعْدَدْتَ عُدَّةً لِنُزُولِ الأُخْدُودِ , أَمَا
عَلِمْتَ أَنَّ الْجَوَارِحَ مِنْ جُمْلَةِ الشُّهُودِ , تَاللَّهِ إِنَّ حَوْضَ الْمَوْتِ عَنْ قَرِيبٍ مَوْرُودٍ , وَاللَّهِ مَا الزَّادُ فِي الطَّرِيقِ بِمَوْجُودٍ , وَاللَّهِ إِنَّ الْقِيَامَةَ تُشَيِّبُ الْمَوْلُودَ , وَاللَّهِ إِنَّ الْعُمْرَ مَحْبُوسٌ مَعْدُودٌ , وَالْوُجُوهُ غَدًا بَيْنَ بِيضٍ وَسُودٍ , إِلَى كَمْ هذا الصباح والمراح , أأبقى اليشب مَوْضِعًا لِلْمِزَاحِ , لَقَدْ أَغْنَى الصَّبَاحُ عَنِ الْمِصْبَاحِ , وقام حَرْبَ الْمَنُونِ مِنْ غَيْرِ سِلاحٍ , اعْوَجَّتِ الْقَنَاةُ بِلا قَنًا وَلا صِفَاحٍ , فَعَادَ ذُو الشَّيْبَةِ بالضعف ثخين الجرح , وَنَطَقَتْ أَلْسُنُ الْفَنَاءِ بِالْوَعْظِ الصِّرَاحِ , وَا أَسَفَا صُمَّتِ الْمَسَامِعُ وَالْمَوَاعِظُ فِصَاحٌ , لَقَدْ صَاحَ لِسَانُ التَّحْذِيرِ: يَا صَاحِ يَا صَاحِ , وَأَنَّى بِالْفَهْمِ لِسَكْرَانَ غَيْرِ صَاحٍ , أَسْكَرَكَ الْهَوَى سُكْرًا لا يزاح , أو ما تفيق حتى يقول الموت لا براخ , مَتَى يَظْهَرُ عَلَيْكَ سِيمَا الْمُتَّقِينَ , مَتَى تَتَرَقَّى إِلَى مَقَامِ السَّابِقِينَ , كَأَنَّكَ بِكَ تَذْكُرُ قَوْلِي وَقَدْ عَرِقَ الْجَبِينُ , وَخَابَتِ الآمَالُ وَعَبِثَتِ الشِّمَالُ بِالْيَمِينِ , وَبَرِقَ الْبَصَرُ وَجَاءَ الْحَقُّ الْيَقِينُ , وَلا يَنْفَعُ الانْتِبَاهُ حِينَئِذٍ يَا مِسْكِينُ , يَا مَنْ يُوعَظُ وَكَأَنَّهُ مَا يَسْمَعُ , يَا مَشْغُولا بِمَا يَفْنَى يَحْوِي وَيَجْمَعُ , يَا مَنْ شَابَ وَمَا تَابَ فِي أَيِّ شَيْءٍ تَطْمَعُ , يَا غَافِلا وَالْمَوْتُ عَلَى أَخْذِهِ قَدْ أَزْمَعَ , سَتَعْرِفُ يَوْمَ عَرْضِ الْكِتَابِ وَسُوءِ الْحِسَابِ عَيْنُ مَنْ تَدْمَعُ , أَتُرَاكَ يَوْمَ الرَّحِيلِ إِذَا ضَاقَ رَحْبُ السَّبِيلِ مَا تَصْنَعُ , أَتُرَاكَ بِمَاذَا تَتَّقِي هَوْلَ