صحائفهم فإذا بها كالليل الداج , وباشر واخشن التُّرَابِ بَعْدَ لِينِ الدِّيبَاجِ , وَتَعَوَّضُوا لَحْدًا غَامِرًا عن عامر الأبراج , وحلوا إذ خَلَوْا فِيهِ حِلْيَةَ الْمَدَرِ بَعْدَ التَّاجِ , فَمَحَا مَحَاسِنَهُمْ بَعْدَ بَهَاءِ الإِبْهَاجِ , وَسُئِلُوا عَمَّا ثَمَّ فَتَمْتَمَ اللِّسَانُ اللَّجْلاجُ , وَعَادَتْ نِسَاؤُهُمْ أَيَامَى بَعْدَ الأزواج:

(إني سألت التراب مَا فَعَلَتْ ... بَعْدُ وُجُوهٌ فِيكَ مُنْعَفِرَهْ)

(فَأَجَابَنِي صَيَّرْتُ رِيحَهُمُ ... يُؤْذِيكَ بَعْدَ رَوَائِحٍ عَطِرَهْ)

(وَأَكَلْتُ أَجْسَادًا مُنَعَّمَةً ... كَانَ النَّعِيمُ يَهُزُّهَا نَضِرَهْ)

(لَمْ يَبْقَ غَيْرُ جَمَاجِمٍ عَرِيَتْ ... بِيضٍ تَلُوحُ وَأَعْظُمٌ نَخِرَهْ)

تَذَكَّرْ يَا مَنْ جَنَى رُكُوبَ الْجِنَازَةِ , وَتَصَوَّرْ يَا مَنْ مَا وَفَى طُولَ الْمَفَازَةِ , وَدَعِ الدُّنْيَا مَوْدِعًا لِلْحَلاوَةِ وَالْمَزَازَةِ , وَارْقُمْ مِنْ قَلْبِكَ ذِكْرَ الْمَوْتِ عَلَى جَزَازَةٍ , وَخَلِّصْ نَفْسَكَ مِنْ غُلِّ الْغِلِّ وَحَزِّ الْحَزَازَةِ , وَذَكِّرْهَا يَوْمَ تُمْسِي فِي التُّرَابِ مُنْحَازَةً.

(سَلْ بِغَمْدَانَ أَيْنَ سَاكِنُهُ ... سَيْفٌ وَقُلْ لِنُعْمَانَ أَيْنَ السَّدِيرُ)

(أَيُّهَا الظاعنون لا وال لِلْعِيسِ ... رَوَاحٌ عَلَيْكُمْ وَبُكُورُ)

(قَدْ رَأَيْنَا دِيَارَكُمْ وَعَلَيْهَا ... أَثَرٌ مِنْ عَفَائِكُمْ مَهْجُورُ)

(وَسَأَلْنَا أَطْلالَهَا فَأَجَابَتْ ... وَمِنَ الصَّمْتِ وَاعِظٌ وَنَذِيرُ)

(بَانَ ذُلُّ الأَسَى عَلَيْهَا فَلِلْغَيْثِ ... بُكَاءٌ وَلِلنَّسِيمِ زَفِيرُ)

(ذَكَّرَتْنَا عهودكم بعدما طَالَتْ ... لَيَالٍ مِنْ بُعْدِهَا وَشُهُورُ)

(عَجَبًا كَيْفَ لم نمت في معانيها ... أَسًى مَا الْقُلُوبُ إِلا صُخُورُ)

(يَا دِيَارَ الأحباب غيرك الدهر ... وكان بَعْدَ الأُمُورِ أُمُورُ)

أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَنَّاءِ , أَنْبَأَنَا عَاصِمُ بْنُ الْحَسَنِ , أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُعَدَّلُ , أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْبَرْذَعِيُّ , حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ , حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ , قال حدثني محبوب العابد , قال: مررت بدارمن دُورِ الْكُوفَةِ فَسَمِعْتُ جَارِيَةً تُغَنِّي مِنْ دَاخِلِ الدار:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015