(نَادَتْ مَنَازِلُهُمْ قِفُوا ... وَتَأَمَّلُوا أَطْلالِيَهْ)
(فَغُمُوضُ بَاطِنِ حَالِهِمْ ... يُبْدِيهِ ظَاهِرُ حَالِيَهْ)
(كَانُوا عُقُودًا عُطِّلَتْ ... مِنْهَا النُّحُورُ الْحَالِيَهْ)
(إِنِّي لأَذْكُرُ مَعْشَرًا ... مَا النفس عنهم ساليه)
(فأقول والهفي عَلَى ... تِلْكَ الْوُجُوهِ الْبَالِيَهْ)
أَفِقْ مِنْ سَكْرَتِكَ أَيُّهَا الْغَافِلُ , وَتَحَقَّقْ أَنَّكَ عَنْ قَرِيبٍ رَاحِلٌ , فَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ قَلائِلُ , فَخُذْ نَصِيبَكَ مِنْ ظِلٍّ زَائِلٍ , وَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ وَافْعَلْ مَا أَنْتَ فَاعِلٌ.
(أَنَسِيتَ يَا مَغْرُورُ أَنَّكَ مَيِّتٌ ... أَيْقِنْ بِأَنَّكَ فِي الْمَقَابِرِ نَازِلُ)
(تَفْنَى وَتَبْلَى وَالْخَلائِقُ لِلْبِلَى ... أَبِمِثْلِ هَذَا الْعَيْشِ يَفْرَحُ عَاقِلُ)
يَا لاحِقًا بِآبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ , لا بُدَّ أَنْ يَصِيرَ الطَّلا إِلَى مَهَاتِهِ , يَا مَنْ جُلُّ هِمَّتِهِ جُلُّ خِيَاطِهِ وَطِهَاتِهِ , يُقَلِّبُهُ الْهَوَى وَهُوَ غَالِبُ دَهَاتِهِ , إِنْ كَانَ لَكَ فِي تَفْرِيطِكَ عُذْرٌ فَهَاتِهِ , يَا مُتَيَّمًا بِالدُّنْيَا فِي ثِيَابِ صُبٍّ , يَا مَنْ أَتَى الْمَعَاصِيَ وَنَسِيَ الرب يا مدنقاً بِالَخْطَايَا وَمَا اسْتَطَبَّ , يَا أَسِيرَ فَخِّ الأَمَانِي وَمَا نَالَ الْحُبَّ.
إِخْوَانِي: ذَهَبَتِ الشَّبِيبَةُ الْحَبِيبَةُ , وَنِبَالُ الْمُصِيبَةِ بِهَا مُصِيبَةٌ , كَانَتْ أَوْقَاتُ الشَّبَابِ كَفَصْلِ الرَّبِيعِ , وَسَاعَاتُهُ كَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ , وَالْعَيْشُ فِيهَا كنوز الرياض , فأقبل الشيب يعد بالفناء ويوعد بصغر الإِنَاءِ , فَحَلَّ الْمُرَّةَ وَأَحَلَّ الْمَرِيرَةَ.
(لأَمْوَاهُ الشَّبِيبَةِ كَيْفَ غِضْنَهْ ... وَرَوْضَاتُ الصِّبَا فِي الْيُبِسْ إِضْنَهْ)
(وَآمَالُ النُّفُوسِ مُعَلَّلاتٌ ... وَلَكِنَّ الْحَوَادِثَ يَعْتَرِضْنَهْ)
(فَلا الأَيَّامُ تَرْضَى مِنْ أَذَاةٍ ... وَلا الْمُهْجَاتُ مِنْ عَيْشٍ عَرَضْنَهْ)
(هِيَ الأَشْبَاحُ كَالأَسْمَاءِ يَجْرِي الْقَضَاءُ ... فيرتفعن ويختفضنه)