الفراء: جعلت يبلغن فعلا لأحدهما , وَكُرِّرَ عَلَيْهِ " {كِلاهُمَا} " وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: " {يَبْلُغَانِ} " عَلَى التَّثْنِيَةِ , لأَنَّهُمَا قَدْ ذُكِرَا قَبْلَ ذَلِكَ. ثم قال: " {أحدهما أو كلاهما} " على الاستئناف كقوله " {فعموا وصموا} " ثم استأنف فقال: " {كثير منهم} ".

{فلا تقل لهما أف} أَيْ لا تَقُلْ لَهُمَا كَلامًا تَتَبَرَّمُ فِيهِ بِهِمَا إِذَا كَبِرَا؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ

اللُّغَوِيُّ: أَصْلُ أُفٍّ نَفْخُكَ الشَّيْءِ يَسْقُطُ عَلَيْكَ مِنْ تُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ , وَلِلْمَكَانِ تُرِيدُ إِمَاطَةَ الأَذَى عَنْهُ , فَقِيلَتْ لِكُلِّ مُسْتَقِلٍّ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تنهرهما} أَيْ لا تُكَلِّمْهُمَا ضَجَرًا صَائِحًا فِي وُجُوهِهِمَا. قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: لا تُنْفِضْ يَدَكَ عَلَيْهِمَا. قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّمَا نَهَى عَنِ الأَذَى لَهُمَا فِي حَالَةِ الْكِبَرِ وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي كُلِّ حَالٍ , لأَنَّ حَالَ الْكِبَرِ يَظْهَرُ فِيهَا مِنْهُمَا مَا يُضْجِرُ وَيُؤْذِي , وتكثر خدمتهما.

{وقل لهما قولا كريما} أَيْ لَيِّنًا لَطِيفًا أَحْسَنَ مَا تَجِدُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: قَوْلَ الْعَبْدِ الْمُتَذَلِّلِ لِلسَّيِّدِ الفظ.

{واخفض لهما جناح الذل} أَيْ أَلِنْ لَهُمَا جَانِبَكَ مُتَذَلِّلا لَهُمَا مِنْ رَحْمَتِكَ إِيَّاهُمَا. وَخَفْضُ الْجَنَاحِ عِبَارَةٌ عَنِ السُّكُونِ وَتَرْكُ التَّصَعُّبِ وَالإِيذَاءِ {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا ربياني صغيرا} أَيْ مِثْلَ رَحْمَتِهِمَا إِيَّايَ فِي صِغَرِي حِينَ رَبَّيَانِي.

أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ , أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ , أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ , أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ , حَدَّثَنِي أَبِي , حَدَّثَنَا وَكِيعٌ , حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ , عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ , عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَكِّيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ , قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجِهَادِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: " أحي والدك؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ".

أَخْرَجَاهُ فِي الصحيحين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015