وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَمَّا كان العرش على الماء قبل خلق السماوات بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى رِيحًا فَصَفَقَتِ الْمَاءَ فَأَبْرَزَتْ عَنْ حَشَفَةٍ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ كَأَنَّهَا قُبَّةٌ , فَدَحَا الأَرْضَ مِنْ تَحْتِهَا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى مَوْضِعَ هَذَا الْبَيْتِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا مِنَ الأَرْضِ بِأَلْفَيْ سَنَةٍ , وَإِنَّ قَوَاعِدَهُ لَفِي الأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى.
وَقَالَ كَعْبٌ: كَانَتِ الْكَعْبَةُ غُثَاءً عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ أن يخلق الله السماوات وَالأَرْضَ. بِأَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْبَيْتُ قَبْلَ هُبُوطِ آدَمَ يَاقُوتَةً مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ , وَفِيهِ قَنَادِيلُ مِنَ الْجَنَّةِ فَلَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ فَأَخَذَهُ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ اسْتِئْنَاسًا بِهِ , وَحَجَّ آدَمُ فَقَالَتْ لَهُ الْمَلائِكَةُ بَرَّ حَجُّكَ , لَقَدْ حَجَجْنَا هَذَا الْبَيْتَ قَبْلَكَ بِأَلْفَيْ عَامٍ. فقال: يا رب اجعل له عُمَّارًا مِنْ ذُرِّيَّتِي. فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي مُعَمِّرُهُ بِأَبْنَاءِ نَبِيٍّ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَلائِكَةَ بَنَتْهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ: لَمَّا قَالَتِ الْمَلائِكَةُ: " أَتَجْعَلُ فِيهَا من يفسد فيها " غَضِبَ عَلَيْهِمْ , فَعَاذُوا بِالْعَرْشِ يَطُوفُونَ حَوْلَهُ يَسْتَرْضُونَ رَبَّهُمْ , فَرَضِيَ عَنْهُمْ وَقَالَ: ابْنُوا فِي الأَرْضِ بَيْتًا يَعُوذُ بِهِ كُلُّ مَنْ سَخِطْتُ عَلَيْهِ وَيَطُوفُونَ حَوْلَهُ , كَمَا فَعَلْتُمْ بِعَرْشِي. فَبَنَوْا هَذَا الْبَيْتَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ آدَمَ لَمَّا أُهْبِطَ أَوْحَى الله إليه: ابن لي بيتاً واصنع جوله كَمَا رَأَيْتَ الْمَلائِكَةَ تَصْنَعُ حَوْلَ عَرْشِي. رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَرَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ أَنَّهُ بَنَاهُ آدَمُ مِنْ خَمْسَةِ أَجْبُلٍ: لُبْنَانَ وَطُورِ سِينَاءَ وَطُورِ زَيْتَا وَالْجُودِيِّ وَحِرَاءٍ.
قَالَ وَهْبٌ: فَلَمَّا مَاتَ آدَمُ بَنَاهُ بَنُوهُ بِالطِّينِ وَالْحِجَارَةِ , فَنَسَفَهُ الْغَرَقُ. قال