14 - حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيُّوَيْهِ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ السَّعِيدِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: دَخَلَ الرَّشِيدُ عَلَى جَارِيَةٍ لَهُ لَيْلا فَعَاتَبَهَا وَدَعَاهَا إِلَى نَفْسِهِ، فَامْتَنَعَتْ , وَقَالَتْ: غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
فَلَمَّا كَانَ فِي غَدٍ، قَالَ لَهَا: الْمِيعَادُ.
قَالَتْ: كَلامُ اللَّيْلِ يَمْحُوهُ النَّهَارُ.
فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا، وَقَالَ لِحَاجِبِهِ: انْظُرْ مَنْ بِالْبَابِ مِنَ الشُّعَرَاءِ، فَخَرَجَ وَدَخَلَ، فَقَالَ: فَضْلٌ الرَّقَاشِيُّ , وَالْحَسَنُ بْنُ هَانِئٍ، فَقَالَ: أَدْخِلْهُمَا فَدَخَلا، فَقَالَ لَهُمَا: أُرِيدُ أَنْ تَقُولا لِي أَبْيَاتِ شِعْرٍ يَكُونُ آخِرُهَا كَلامَ اللَّيْلِ يَمْحُوهُ النَّهَارُ، فَقَالَ فَضْلٌ الرَّقَاشِيُّ:
مَتَى تَصْحُو وَقَلْبُكَ مُسْتَطَارٌ ... وَقَدْ مُنِعَ الْقَرَارُ فَلا قَرَارَ
وَقَدْ تَرَكَتْكَ صَبًّا مُسْتَهَامًا ... فَتَاةٌ لا تَزُورُ وَلا تُزَارُ
إِذَا مَا جِئْتَهَا وَعَدَتْكَ وَعْدًا ... كَلامُ اللَّيْلِ يَمْحُوهُ النَّهَارُ
فَقَالَ لَهُ: أَحْسَنْتَ وَأَجَازَ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَنْشَأَ الْحَسَنُ بْنُ هَانِئٍ يَقُولُ:
وَلَيْلَةَ أَقْبَلَتْ فِي الْقَصْرِ سَكْرَى ... وَلَكِنْ زَيَّنَ السُّكْرُ الْوَقَارَ
وَقَدْ سَقَطَ الرِّدَاءُ عَنْ مَنْكِبَيْهَا ... مِنَ التَّهْيِيفِ وَانْحَلَّ الإِزَارُ
وَهَزَّ الرِّيحُ أَرْدَافًا ثِقَالا ... وَغُصْنًا فِيهِ رُمَّانُ صِغَارٌ
إِذَا مَا جِئْتَهَا وَعَدَتْكَ وَعْدًا ... كَلامُ اللَّيْلِ يَمْحُوهُ النَّهَارُ
فَقَالَ لَهُ: أَحْسَنْتَ وَاللَّهِ يَا حَسَنُ، كَأَنَّكَ كُنْتَ مَعَنَا.
وَأَمَرَ لَهُ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ