الْمَأْمُومُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ قَهْقَهَ الْمُصَلِّي قَطَعَ وَابْتَدَأَ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ، فَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ أَعَادَ الصَّلَاةَ.
قَالَ سَحْنُونَ: وَإِذَا ضَحِكَ الْإِمَامُ نَاسِيًا فَإِنْ كَانَ شَيْئًا خَفِيفًا سَجَدَ لِسَهْوِهِ، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا، أَوْ جَاهِلًا أَفْسَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ.
وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ قَهْقَهَ عَامِدًا، أَوْ نَاسِيًا أَوْ مَغْلُوبًا فَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ.
فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ قَطَعَ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا تَمَادَى وَأَعَادَ، وَإِنْ كَانَ إمَامًا اسْتَخْلَفَ فِي السَّهْوِ وَالْغَلَبَةِ وَيَبْتَدِئُ فِي الْعَمْدِ.
ابْنُ يُونُسَ: الْقِيَامُ مَا قَالَهُ سَحْنُونَ لِأَنَّهُ كَالْكَلَامِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا النَّفْخَ كَالْكَلَامِ فَهَذَا أَشْبَهُ مِنْهُ، وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَحْوَطُ.
وَسَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ إمَامًا اسْتَخْلَفَ فِي الْغَلَبَةِ وَأَتَمَّ هُوَ صَلَاتَهُ مَعَهُمْ، ثُمَّ يُعِيدُ إذَا فَرَغُوا.
ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ مَعَهُمْ صَحِيحٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْمَأْمُومَ يَتَمَادَى وَلَا يَقْطَعُ فَإِذَا لَمْ يَقْطَعْ الْمَأْمُومُ مِنْ أَجْلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي قَدْ دَخَلَ فِيهَا فَالْإِمَامُ بِمَنْزِلَتِهِ.
وَقَوْلُهُ: " ثُمَّ يُعِيدُ " هُوَ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَأْمُومِ، وَإِمَامِهِمْ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ وَسَوَاءٌ تَعَمَّدَ النَّظَرَ وَالِاسْتِمَاعَ فِي صَلَاتِهِ إلَى مَنْ يَضْحَكُ فَيَغْلِبُهُ الضَّحِكُ فِيهَا أَمْ لَا.
وَكَذَلِكَ النَّاسِي كَالْمَغْلُوبِ يُقَدَّمُ إنْ كَانَ إمَامًا وَيَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ إنْ كَانَ مَأْمُومًا.
قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ: إنَّ الضَّحِكَ نَاسِيًا بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ نَاسِيًا، وَأَمَّا الَّذِي يَضْحَكُ مُخْتَارًا لِلضَّحِكِ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَ عَنْهُ أَمْسَكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ صَلَاتَهُ وَصَلَاةَ مَنْ خَلْفَهُ إنْ كَانَ إمَامًا وَلَا يَتَمَادَى عَلَيْهَا فَذًّا كَانَ، أَوْ إمَامًا، أَوْ مَأْمُومًا.
وَالضَّحِكُ فِي الصَّلَاةِ أَشَدُّ مِنْ الْكَلَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ وَقِلَّةِ الْوَقَارِ وَمُخَالَفَةِ الْخُشُوعِ.
وَإِذَا ذَكَرَ الْإِمَامُ بَعْدَ فَرَاغِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ فَلْيُعِدْ الصَّلَاةَ هُوَ وَمَنْ خَلْفَهُ بِخِلَافِ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ جُنُبًا.
ابْنُ يُونُسَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، رَاجِعْ تَرْجَمَتَهُ مِنْ الْغُسْلِ.
(كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ) ابْنُ رُشْدٍ: نَسِيَ الْمَأْمُومُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَكَبَّرَ لِلرُّكُوعِ وَلَمْ يَنْوِ بِهَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَأَعَادَ.
وَإِنْ نَسِيَهَا الْفَذُّ وَالْإِمَامُ فَلَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ اسْتِئْنَافِ الصَّلَاةِ فَإِنْ نَوَوْا بِتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ الْإِحْرَامَ أَجْزَأَتْ الْمَأْمُومَ وَلَمْ تَجْزِ الْفَذَّ وَالْإِمَامَ وَعَلَيْهِمَا اسْتِئْنَافُ الصَّلَاةِ.
(وَذِكْرِ فَائِتَةٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: " وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَ فَذٌّ وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ لَا مُؤْتَمٌّ ".
وَإِنَّمَا كَرَّرَ هَذَا هُنَا لِيَذْكُرَهَا مَعَ نَظَائِرِهَا.
يَقُولُ الشُّيُوخُ: مَسَاجِنُ الْإِمَامِ ثَلَاثَةٌ وَيَذْكُرُونَ هَذِهِ الْفُرُوعَ الثَّلَاثَةَ: الْقَهْقَهَةَ وَتَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَذِكْرَ الْفَائِتَةِ.
وَلِهَذَا قَالَ: " كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ وَذِكْرِ فَائِتَةٍ " فَأَتَى بِكَافِ التَّشْبِيهِ يَعْنِي أَنَّ الْمَأْمُومَ يَتَمَادَى وَعَطَفَ عَلَيْهِ " وَذِكْرِ فَائِتَةٍ " مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْبَاءِ؛ إذْ لَيْسَ بِمَعْطُوفٍ عَلَى " قَهْقَهَةٍ " فَكَلَامُهُ فِي غَايَةٍ مِنْ الْحُسْنِ وَالِاخْتِصَارِ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي