مِنْ الْجَنَائِزِ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا.
وَفِي الْمُوَطَّأِ فِي الَّذِي رَفَعَ صَوْتَهُ بِرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا إلَى آخِرِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ وَرَاءَ الْإِمَامِ بِرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ لِمَنْ أَرَادَ الْإِعْلَامَ وَالْإِسْمَاعَ لِلْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الذِّكْرَ كُلَّهُ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ جَائِزٌ فِي الصَّلَاةِ بَلْ هُوَ مَحْمُودٌ وَمَمْدُوحٌ فَاعِلُهُ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ.
ثُمَّ نُقِلَ بِسَنَدِهِ إلَى أَبِي أَوْفَى قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ وَنَحْنُ فِي الصَّفِّ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. قَالَ: فَرَفَعَ النَّاسُ رُءُوسَهُمْ وَاسْتَنْكَرُوا الرَّجُلَ فَقَالُوا: مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ هَذَا الْعَالِي الصَّوْتَ؟ فَقِيلَ: هُوَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْت كَلَامًا يَصْعَدُ إلَى السَّمَاءِ حَتَّى فُتِحَ لَهُ فَدَخَلَ» .
قَالَ أَبُو عُمَرَ: فَفِي مَدْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهَذَا الرَّجُلِ وَتَعْرِيفِهِ النَّاسَ بِفَضْلِ كَلَامِهِ وَفَضْلِ مَا صَنَعَ مِنْ رَفْعِ صَوْتِهِ بِذَلِكَ الذِّكْرِ أَوْضَحُ الدَّلَائِلِ عَلَى جَوَازِ الْفِعْلِ، مِنْ كُلِّ مَنْ فَعَلَهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ جَاءَ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ لِلَّهِ وَتَعْظِيمٌ لَهُ يَصْلُحُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ سِرًّا أَوْ جَهْرًا.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ بِكُلِّ كَلَامٍ يُفْهَمُ عَنْهُ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ سِرًّا مَا جَازَ كَمَا لَا يَجُوزُ جَهْرًا وَهَذَا وَاضِحٌ.
انْتَهَى نَصُّ أَبِي عُمَرَ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: مِنْ وَظَائِفِ الْإِمَامِ أَنْ يَجْزِمَ تَحْرِيمَهُ وَتَسْلِيمَهُ وَلَا يَمُطَّهُمَا لِئَلَّا يُسَابِقَهُ بِهِمَا مَنْ وَرَاءَهُ، وَأَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ كُلِّهِ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِيَقْتَدِيَ بِهِ مَنْ وَرَاءَهُ.
(كَفَتْحٍ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَفْتَحُ أَحَدٌ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مُصَلٍّ عَلَى مُصَلٍّ آخَرَ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ صَلَاتَهُ أَبَدًا وَهُوَ كَالْكَلَامِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ.
(وَبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ وَتَمَادَى