بِدَنَانِيرَ لِلْإِحْرَازِ ثُمَّ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَبَيْنَكُمَا إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ) ابْنُ عَرَفَةَ: خَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِمِثْلِهَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ بِغَيْرِ مُتَيَسِّرٍ مَيْزُهُ مُغْتَفَرٌ، وَبِغَيْرِهِ يُوجِبُ ضَمَانَهُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أَوْدَعْته دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا بِمِثْلِهَا ثُمَّ ضَاعَ الْمَالُ كُلُّهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ ضَاعَ بَعْضُهُ كَانَ مَا ضَاعَ وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ دَرَاهِمَكَ لَا تُعْرَفُ مِنْ دَرَاهِمِهِ، وَلَوْ عُرِفَتْ بِعَيْنِهَا كَانَتْ مُصِيبَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ رَبِّهَا وَلَا يُغَيِّرُهَا الْخَلْطُ. وَإِنْ أَوْدَعْتَهُ حِنْطَةً فَخَلَطَهَا بِحِنْطَةٍ مِثْلِهَا وَفَعَلَ ذَلِكَ عَلَى الْإِحْرَازِ وَالدَّفْعِ فَهَلَكَ الْجَمِيعُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ دَخَلَ وَقَدْ يَشُقُّ عَلَى الْمُودَعِ أَنْ يَجْعَلَ كُلَّ مَا أَوْدَعَهُ عَلَى حِدَةٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى عَلَى الْوَدِيعَةِ فَأَكَلَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا ثُمَّ ضَاعَتْ بَعْدَ رَدِّهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَخَلْطُهُ بِمِثْلِهَا كَرَدِّ مِثْلِهَا لَمْ يَضْمَنْ إذَا ضَاعَتْ، وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً ضَمِنَ، وَكَذَلِكَ إنْ خَلَطْت حِنْطَتَكَ بِشَعِيرِهِ ثُمَّ ضَاعَ الْجَمِيعُ فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَفَاتَهَا بِالْخَلْطِ قَبْلَ هَلَاكِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ وَلَيْسَ كَصِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ عَيْنٍ أَوْ طَعَامٍ اهـ.
وَانْظُرْ قَوْلَهُ: " إنَّهُ يَضْمَنُ بِخَلْطِهَا " وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ. وَاَلَّذِي لِلَّخْمِيِّ: إنْ كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَتَانِ قَمْحٌ وَشَعِيرٌ فَخَلَطَهُمَا ضَمِنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِثْلَ مَا خَلَطَ لَهُ، فَإِنْ اخْتَارَا رَفْعَ الْعَدَاءِ عَنْهُ وَأَنْ يَأْخُذَاهُ مَخْلُوطًا وَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِيهِ جَازَ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَتَكُونُ شَرِكَتُهُمَا عَلَى الْقِيمَةِ يُرِيدُ قِيمَةَ الْقَمْحِ مَعِيبًا وَالشَّعِيرِ غَيْرَ مَعِيبٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ