وَانْظُرْ نَصَّ الْبَاجِيِّ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَجَازَ بَعْدَ أَجَلِهِ الزِّيَادَةُ " وَمِثْلُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إنْ اشْتَرَطَ عَمَلَ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَجْتَذِبُهُ أَصْلَانِ مُتَنَاقِضَانِ لُزُومُ النَّقْدِ لِأَنَّ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ مَضْمُونٌ وَامْتِنَاعُهُ لِاشْتِرَاطِ عَمَلِ الْعَامِلِ بِعَيْنِهِ.
وَلَمَّا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا قَالَ: فِي قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ نَظَرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ دَارًا عَلَى أَنَّ الْآجُرَّ وَالْجِصَّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ جَازَ. قُلْت: لَمْ أُجَوِّزْهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا مِنْ الْجِصِّ وَالْآجُرِّ بِعَيْنِهِ قَالَ: إنَّهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ. قُلْت: أَرَأَيْت السَّلَمَ، هَلْ يَجُوزُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا وَهَذَا إذَا لَمْ يَضْرِبْ لِلْآجُرِّ وَالْجِصِّ أَجَلًا؟ قَالَ: لَمَّا قَالَ لَهُ ابْنِ لِي هَذِهِ الدَّارَ فَكَأَنَّهُ وَقَّتَ لَهُ لِأَنَّ وَقْتَ بُنْيَانِهَا عِنْدَ النَّاسِ مَعْرُوفٌ فَكَأَنَّهُ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي جَصٍّ وَآجُرٍّ مَعْرُوفٍ إلَى وَقْتٍ مَعْرُوفٍ وَإِجَارَتُهُ فِي عَمَلِ هَذِهِ الدَّارِ فَلِذَلِكَ جَازَ.
ابْنُ عَرَفَةَ: فَظَاهِرُ هَذَا خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى تَعْيِينِ الْعَامِلِ أَوْ عَدَمِ تَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وِفَاقًا لِقَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ اهـ. اُنْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَتَوْرٍ لِيُكْمِلَ ".
وَفِي نَوَازِلِ شَيْخِ الشُّيُوخِ ابْنِ لُبٍّ مَسْأَلَةٌ قَالَ: دَلِيلُهَا مَا قَالُوهُ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِئْجَارِ الْبِنَاءِ الْمُعَيَّنِ لِلْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ الْآجُرَّ وَالْجَصَّ مِنْ عِنْدِهِ وَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ أَنَّهُمَا إنْ شَرَطَا نَقْدَ مَا يَنُوبُ الْمَضْمُونَ وَتَأْخِيرَ مَا يَنُوبُ الْمُعَيَّنَ جَازَ ذَلِكَ. حَكَاهُ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرُهُ اهـ نَصُّهُ.
وَفِي الْمُتَيْطِيِّ: أَوَّلُ الْمُغَارَسَةِ إنْ كَانَتْ الْغُرُوسُ مِنْ عِنْدِ الْغَارِسِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا دَخَلَ مَسْأَلَةَ الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ الْآجُرَّ وَالْجِصَّ مِنْ عِنْدِهِ. اُنْظُرْ أَوَّلَ كِتَابِ الْمُغَارَسَةِ مِنْهُ وَفِي هَذِهِ نَازِلَةٌ تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى فَإِنَّ التُّجَّارَ شَأْنُهُمْ شِرَاءُ وُجُوهِ الْحَرِيرِ مِنْ الْحَرَّارِينَ وَالْحَمَائِلِ مِنْ الْحَمَائِلِيِّينَ، وَشَأْنُهُمْ دَفْعُ الْحَرِيرِ لِلصَّبَّاغِ فَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِمْ، وَهَلْ هُمْ مُعَيَّنُونَ، وَهَلْ يَلْزَمُ تَقْدِيمُ الثَّمَنِ وَالْآجُرِّ وَيَلْزَمُ وَرَثَةَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ تَمَامُ الْعَمَلِ؟ وَانْظُرْ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اسْتَصْنَعَ تَوْرًا أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُعْمَلُ عِنْد الصُّيَّاغِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَيِّنَ الْعَامِلَ وَلَا الْمَعْمُولَ مِنْهُ، أَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ رَأْسِ الْمَالِ. وَانْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " زَائِدٌ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ ".
وَانْظُرْ أَوَّلَ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ نَقَلْت بَعْضًا مِنْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَأَجِيرٌ تَأَخَّرَ شَهْرًا " (وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ شَرْطَ عَمَلِهِ مِنْ نُحَاسٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَقَدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسْلِمُ