الرَّضَاعِ لَكَانَ ذَلِكَ بَرَاءَةً لَهُ مِنْ نَفَقَةِ الْحَمْلِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَسَقَطَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ) قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: كَانَ مَالِكٌ لَا يُجْبَرُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهَا النَّفَقَةَ عَلَى فَطِيمٍ وَلَا رَضِيعٍ بَعْدَ الْفِطَامِ.
وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ. هَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ شَرَطَ عَلَيْهَا نَفَقَةَ الْوَلَدِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ أَمَدًا سَمَّيَاهُ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهَا الزَّوْجُ نَفَقَةَ نَفْسِهِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ الْخُلْعَ وَلَزِمَهَا نَفَقَةُ الْوَلَدِ فِي الْحَوْلَيْنِ فَقَطْ، وَلَا يَلْزَمُهَا مَا أَنَافَ عَلَى الْحَوْلَيْنِ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ وَلَا مَا اشْتَرَطَهُ الزَّوْجُ مِنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ.
وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ: يَلْزَمُهَا نَفَقَةُ الزَّوْجِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ كَالْخُلْعِ بِالْغَرَرِ وَقَالَهُ سَحْنُونَ: ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ أَصْوَبُ. ابْنُ سَلْمُونَ: وَبِهَذَا جَرَى الْعَمَلُ وَالْقَضَاءُ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَبِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ الْقَضَاءُ عِنْدَنَا، وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ لُبَابَةَ لَا يَرَى كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا رِوَايَتَهُ.
اُنْظُرْ عَلَى هَذَا الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَالْقَضَاءُ إذَا مَاتَتْ هَلْ تَكُونُ النَّفَقَةُ فِي مَالِهَا، وَانْظُرْ أَيْضًا إنْ مَاتَ الْأَبُ مَلِيًّا أَوْ حَدَثَ لِلْوَلَدِ مَالٌ، وَانْظُرْ إنْ كَانَ فِي الْوَثِيقَةِ إلَى أَنْ تُنْكَحَ الْأُنْثَى وَيَبْلُغَ الذَّكَرُ. وَمُقْتَضَى مَا لِلْمُتَيْطِيِّ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ، هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ إلَى أَنْ تَسْقُطَ النَّفَقَةُ عَنْ الْأَبِ شَرْعًا. وَانْظُرْ أَيْضًا عَلَى هَذَا إذَا مَاتَ الْأَبُ مُعْدِمًا صَعُبَ تَحَمُّلُ عَهْدِ هَذَا مَعَ مُعَارَضَةِ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَاَلَّذِي اخْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ. وَانْظُرْ إذَا رَاجَعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ هَذِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يَسْقُطُ عَنْهَا مَا تَحَمَّلَتْ مِنْ النَّفَقَةِ وَلَا تَعُودُ عَلَيْهَا إنْ طَلَّقَهَا إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ لَهُ التَّحَمُّلَ.
وَانْظُرْ إذَا تَزَوَّجَتْ وَجَعَلَ لَهَا هَذَا الزَّوْجُ الْوَلَدَ فِي الْمَهْرِ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: إنْ كَانَ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَكْتُوبًا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجَةِ فَلَهَا الرُّجُوعُ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ (وَزَائِدٌ شُرِطَ) قَالَ مَالِكٌ: إنْ خَالَعَتْهُ عَلَى شَرْطٍ أَنْ لَا يَنْكِحَ غَيْرَهَا، فَإِنْ فَعَلَ رَدَّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَ مِنْهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ وَالْخُلْعُ لَازِمٌ وَلَا يَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنْهَا إنْ نَكَحَ غَيْرَهَا (كَمَوْتِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا (وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا أَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَعَلَيْهَا) أَمَّا إنْ مَاتَتْ فَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرَّضَاعَ وَالنَّفَقَةَ فِي مَالِهَا، وَأَمَّا إنْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا فَقَالَ: الْمُتَيْطِيُّ: إنْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا دُونَ السَّنَتَيْنِ اسْتَرْضَعَتْهُ مِنْ مَالِهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَدِيمَةً اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهَا وَتَبِعَهَا.
وَصَوَّبَ اللَّخْمِيِّ عَدَمَ اتِّبَاعِهِ. وَأَمَّا إنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: يَلْزَمُهَا رَضَاعُهُمَا وَلَا تُعْذَرُ إنْ قَالَتْ لَا طَاقَةَ لِي بِهِمَا. ابْنُ سَلْمُونَ: إنْ مَاتَ الْمَوْلُودُ فَلَا شَيْءَ لِلْأَبِ عَلَى الزَّوْجَةِ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْتِزَامِهَا إبْرَاءُ الْأَبِ مِنْ مُؤْنَتِهِ. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَكَذَلِكَ إنْ ارْتَجَعَهَا فَإِنَّهَا يَسْقُطُ عَنْهَا مَا تَحَمَّلَتْهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَتَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ وَلَا تَعُودُ عَلَيْهَا إنْ طَلَّقَهَا ثَانِيَةً إلَّا أَنْ تَتَحَمَّلَهَا وَإِنْ عَدِمَتْ الْأُمُّ فِي خِلَالِ الْمُدَّةِ عَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ فَإِذَا أَيْسَرَتْ اتَّبَعَهَا بِمَا أَنْفَقَ عَلَى ابْنِهِ مُدَّةَ عَدَمِهَا عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ الَّذِي جَرَى بِهِ الْقَضَاءُ.
وَدَلِيلُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تُمْنَعُ مِنْ التَّزْوِيجِ حَتَّى تَتِمَّ مُدَّةُ الرَّضَاعِ. وَانْظُرْ إذَا أَشْهَدَتْ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ أَنَّهَا مَوْفُورَةُ الْحَالِ وَأَنَّهَا مَتَى أَثْبَتَتْ أَنَّهَا عَدِيمَةٌ فَذَلِكَ بَاطِلٌ ثُمَّ أَثْبَتَتْ الْعَدَمَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا تَنْتَفِعُ بِمَا شَهِدَ