وَهَدْمِ أَرِينَةَ وَالصَّخْرَةِ وَأَنَا مَعَ ذَلِكَ لَا أَجِدُ إلَّا مُعَارِضًا ثُمَّ أَحُضُّ عَلَى الْبِنَاءِ فَلَا أَجِدُ مُسَاعِدًا وَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ.
(عَلَى كُلِّ حُرٍّ ذَكَرٍ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ) . ابْنُ رُشْدٍ: لِوُجُوبِ الْجِهَادِ سِتُّ شَرَائِطَ لَا يَجِبُ إلَّا بِهَا مَتَى انْخَرَمَ وَاحِدٌ مِنْهَا سَقَطَ وُجُوبُهُ وَهِيَ: الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالِاسْتِطَاعَةُ بِصِحَّةِ الْبَدَنِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْمَالِ.
قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ} [التوبة: 91] . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] وَالْعَبْدُ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ (كَالْقِيَامِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ) .
ابْنُ رُشْدٍ: طَلَبُ الْعِلْمِ وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كَالْجِهَادِ إلَّا مَا لَا يَسَعُ الْإِنْسَانَ جَهْلُهُ مِنْ صِفَةِ وُضُوئِهِ وَصَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ وَزَكَاتِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ فِيهِ مَوْضِعٌ لِلْإِمَامَةِ وَالِاجْتِهَادِ فَطَلَبُ الْعِلْمِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ.
وَسُئِلَ مَالِكٌ أَوَاجِبٌ طَلَبُ الْعِلْمِ؟ فَقَالَ: أَمَّا عَلَى كُلِّ النَّاسِ فَلَا (وَالْفَتْوَى) نَقَلَ أَبُو عُمَرَ عَنْ الْحَسَنِ مَا نَصُّهُ: سِتٌّ إذَا أَدَّاهَا قَوْمٌ كَانَتْ مَوْضُوعَةً عَنْ الْعَامَّةِ، وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الْعَامَّةُ عَلَى تَرْكِهَا كَانُوا آثِمِينَ. الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - يَعْنِي سَدَّ الثُّغُورِ وَالضَّرْبَ فِي الْعَدُوِّ - وَالْفُتْيَا وَغُسْلُ الْمَيِّتِ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ وَحُضُورُ الْخُطْبَةِ (وَالدَّرْءُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ مَالِكٌ فِي النَّصِّ: إنْ قَطَعَ عَلَى غَيْرِك وَسَلِمْت مِنْهُ فَحُقَّ عَلَيْك الرُّجُوعُ وَالْمُعَاوَنَةُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: النَّاسُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ عَلَى مَرَاتِبَ. فَفَرْضُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ تَنْبِيهُ الْوُلَاةِ وَحَمْلُهُمْ عَلَى جَادَّةِ الْعِلْمِ، وَفَرْضُ الْوُلَاةِ تَغْيِيرُهُ بِقُوَّتِهِمْ وَسُلْطَانِهِمْ وَلَهُمْ هُمْ الْيَدُ الْعُلْيَا، وَفَرْضُ سَائِرِ النَّاسِ رَفْعُهُ إلَى الْحُكَّامِ وَالْوُلَاةِ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْهُ قَوْلًا وَهَذَا فِي الْمُنْكَرِ الَّذِي لَهُ دَوَامٌ، وَأَمَّا إنْ رَأَى أَحَدٌ نَازِلَةً بَدِيهِيَّةً مِنْ الْمُنْكَرِ كَالسَّلْبِ فَيُغَيِّرُهَا بِنَفْسِهِ بِحَسَبِ الْحَالِ وَالْقُدْرَةِ (وَالْقَضَاءِ) اللَّخْمِيِّ: إقَامَةُ الْحُكْمِ لِلنَّاسِ وَاجِبَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الْهَرَجِ وَالْمَظَالِمِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَوْضِعِ وَإِلَّا كَانَ عَلَى ذَوِي الرَّأْيِ وَالثِّقَةِ أَنْ يُقَدِّمُوا مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ.
ابْنُ عَرَفَةَ: قَبُولُ وِلَايَتِهِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ (وَالشَّهَادَةِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الشَّهَادَةُ بِاعْتِبَارِ تَحَمُّلِهَا الرِّوَايَاتِ وَاضِحَةً بِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ.
فِي نَوَازِلَ سَحْنُونٍ: سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] قَالَ: إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عِنْدَك عِلْمٌ قَدْ أَشْهَدَك عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَك عِلْمٌ إنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يُشْهِدَك ابْتِدَاءً فَأَنْتَ فِي سَعَةٍ إنْ وُجِدَ فِي الْبَلَدِ غَيْرُك مِمَّنْ يَشْهَدُ فَقَرِّرْهُ.
ابْنُ رُشْدٍ: بِأَنْ تُحْمَلَ الشَّهَادَةُ فَرْضَ كِفَايَةٍ يَحْمِلُهُ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ بَعْضٍ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ. وَأَمَّا أَنْ يُدْعَى لِيَشْهَدَ بِمَا عِنْدَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ (وَالْإِمَامَةِ) قَالَ