وله مصنفات كثيرة، منها: في التفسير "لطائف ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز"، في مجلدات. و"الدر النظيم المرشد إلى مقاصد القرآن العظيم". وفي الحديث "فتح الباري في شرح صحيح البخاري"، ولعل ابنَ حجر لم يسمع بذلك؛ حيث سمى شرحه بهذا الاسم، كمل منه نحو عشرين مجلدًا، وكان يقدر تمامه في أربعين مجلدًا. و"امتضاض السهاد في افتراض الجهاد"، في مجلد. و"الإسعاد بالإصعاد إلى درجة الاجتهاد"، ثلاث مجلدات. و"تسهيل طريق الوصول في الأحاديث الزائدة على جامع الأصول"، و"الأحاديث الضعيفة"، و"الدر الغالي في الأحاديث العوالي"، و"سفر السعادة"، و"القاموس"، وهو كتاب نفيس ليس له نظير، وقد انتفع به الناس، ولم يلتفتوا بعده إلى غيره. قال التقي الكرماني: كان عديمَ النظير في زمانه نظمًا ونثرًا بالفارسي. وحكى الخزرجي: أنه رامَ التوجُّهَ في سنة 799 إلى مكة، فكتب إلى السلطان ما مثاله: ومما ينهيه إلى العلوم الشريفة: أنه غيرُ خافٍ عليكم ضعفُ أقلِّ العبيد، ورقَّةُ جسمه، ودقة بنيته، وعلوُّ سنه، وقد آل أمره إلى أن صار كالمسافر الذي تحزم وانتقل، إذ وَهَنَ العظمُ والرأسُ اشتعل، وتضعضع السن وتقعقع الشن، فما هو إلا عظام في جراب، وبنيان مشرف على خراب، وقد ناهز العشر التي تسميها العرب دقاقة الرقاب.
وقد مر على المسامع الشريفة غير مرة في "صحيح البخاري" قولُ سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بلغَ المرءُ ستين سنة، فقد أعذرَ اللهُ إليه"، فكيف من نيف على السبعين، وأشرف على الثمانين، ولا يَجْمُل بالمؤمن أن يمضي عليه أربعُ سنين، ولا يتجدد له شوقٌ وعزم إلى بيت رب العالمين، وزيارة سيد المرسلين.
وقد ثبت في الحديث النبوي ذلك، وأقلُّ العبيد له ستُّ سنين عن تلك المسالك، وقد غلب عليه الشوق، حتى جل عمره عن الطوق، ومن أقصى أمنيته أن يجدِّدَ العهد بتلك المعاهد، ويفوز مرة أخرى بتقبيل تلك المشاهد، وسؤاله من المراحم الحسنة، الصدقةُ عليه بتجهيزه في هذه الأيام مجردًا عن الأهالي والأقوام، قبلَ اشتداد الحَرِّ وغلبة الأُوام، فإن الفصل أطيب، والريح أزيب،