جمود المحدثين، بل كان فقيه النفس، له دراية بأقوال الناس، مات - رحمه الله تعالى - في سنة 748. قال الصلاح الكتبي: أتقن الحديث ورجاله، ونظر علله وأحواله، وعرف تراجم الناس، وأبان الإيهام في تواريخهم والإلباس، جمع الكثير، ونفع الجمَّ الغفير، وأكثر التصنيف، ووقر بالاختصار معرفة التطويل في التأليف، وقف ابن الزملكاني على "تاريخ الإسلام"، وقال: هذا كتاب جليل. ومن شعره:
إذا قرأ الحديثَ عليَّ شخصٌ ... وأخلى موضعًا لوفاة مثلي
فما جازى بإحسان لأني ... أريدُ حياتَه ويريدُ قتلي
وقال أيضًا:
العلمُ قالَ اللهُ قالَ رسولُه ... إنْ صحَّ بالإجماع، فاجهدْ فيه
وحَذار من نصبِ الخلافِ جهالةً ... بينَ الرسولِ وبينَ رأيِ فقيه
انتهى.
ولد في سنة 791 بالقاهرة، وأخذ عن البلقيني، والعراقي، والعز بن جماعة، والحافظ ابن حجر، وتفنن في العلوم النقلية والعقلية، وعمل لنفسه منسكًا وتفسيرًا لم يكمل، وإذا ظهر له الصواب على يد من كان رجع إليه. قال السخاوي: وترجمتُه تحتمل كراريس، وقد حج مرارًا، مات سنة 864، وتأسف الناس على فقده، ولم يخلف بعده في مجموعة مثله، كذا في "البدر الطالع".
قال في "البدر الطالع": ولد سنة 1186، وقرأ في سائر العلوم، وشارك في سائر الفنون، له ذهن قويم، وفهم جيد، وذكاء متوقد، وحسن تصور باهر، وقوة إدراك مفرط، وهو ممن لا يعول على التقليد، بل يعمل بما ترجحه الأدلة، ولاه مولانا الإمام المنصور بالله القضاءَ بصنعاء من جملة قضاتها، ثم حج، ثم نُقل إلى قضاء الحديدة، وهو الآن هنالك مستمر على القضاء، بيني وبينه مودة أكيدة، ومحبة زائدة، ثم رغب عن القضاء لأجل ما حصل من الفتن بتهامة،