وهو - رحمه الله تعالى - من جملة من رغبني في تأليف "شرح المنتقى"، فشرعت فيه في حياته، وعرضت عليه كراريس من أوله، فقال: إذا كمل على هذه الكيفية، كان في نحو عشرين مجلدًا، وأهل العصر لا يرغبون فيما بلغ من التطويل إلى دون هذا المقدار، ثم أرشدني إلى الاختصار، ففعلت، فكمل بحمد الله، وبَيَّضْتُه في أربع مجلدات، ولم يكمل إلا بعد موته بنحو ثلاث سنين، وقد أجازني إجازة عامة كتبها لي، ولم تكن له كثرةُ اشتغال بتأليف، ولو أراد ذلك، لكان له في كل فن ما لا يقدر عليه غيره.
وله رسائل حافلة، ومباحث مطولة، وله "فلك القاموس" في كراريس، توفي - رحمه الله تعالى - سنة 1207، وتأسف الناس على فقده، ورثاه الشعراء بمراثٍ حسنات هي مجموعة في كراريس، وأنا من جملة من رثاه بقصيدة، مطلعها:
تَهَدَّمَ من رَبْعِ المعارفِ جانِبُهْ ... وأصبحَ في شُغْلٍ عن العلمِ طالبُهْ
وذكر له في "النفس اليماني والروح الريحاني" ترجمة حافلة، حاصلها قوله: السيد الإمام، إنسان عين الأعلام، صدرُ العلماء المعتمدين، بدر الأئمة المجتهدين، له العلوم الزاخرة، والأحوال الشريفة الفاخرة، والأخلاق النبوية، والسيرة المحمدية. ومن مشايخه الشيخان العلامتان: عبد الخالق بن أبي بكر، ومحمد بن علاء الدين المزجاجيان، ومن أهل الحرمين: السيدُ الإمام العلامة محمدُ بنُ الطيب المغربي الفاسي، وله من الأساتذة الكملة: نيف وثمانون شيخًا.
ومن المؤلفات ما يزيد على الأربعين مؤلفًا، منها: "حاشية القسطلاني"، و"حاشية الجلالين"، و"حاشية المطول" و"مختصره"، و"شرح كفاية المتحفظ".
ومن مشايخه الشيخ المسنِدُ محمد حياة السنديُّ المدنيُّ، وقد ترجمه وامتدحه عدة من العلماء الأعلام، منهم: القاضي العلامة، قال في جملة ترجمته: تسامى له السندُ العالي مع النسب الغالي، مظهرًا للسنة النبوية على