شاتَمَ مَنْ شاتمه ظلمٌ بَيَّن، وعسفٌ ظاهر، ولا سيما إذا كان لا يدري بانتساب من ذكر إلى ذلك الإمام، لا جرم قد أبدله الله بسلطان خير من سلطانه، وجيران أفضل من جيرانه، ورزق أوسعَ مما منعوه منه، وجاهٍ أرفعَ مما حسدوه عليه، فإنه لما خرج، توجه إلى مملكة الروم، وما زال يترقى حتى استقر في قضاء العسكر وغيره، وقد ترجم له صاحب "الشقائق النعمانية" ترجمة حافلة، وذكر فيها: أن سلطان الروم عرضَ عليه الوزارةَ فلم يقبلْها، وأنه أتاه مرة مرسومٌ من السلطان فيه مخالفةٌ للوجه الشرعي، فمزقه، وأنه كان يخاطب السلطان باسمه ولا ينحني له ولا يقبل يده بل يصافحه مصافحة، وإنه كان لا يأتي إلى السلطان إلا إذا أرسل إليه، وكان يقول له: مطعمُك حرام، وملبسُك حرام، فعليك بالاحتياط، وذكر له مناقبَ جمة تدل على أنه من العلماء العاملين، لا كما قال السخاوي، انتهى.

383 - وفي "البدر الطالع" في ترجمة أحمد بن حسين بنِ حسنٍ، المعروف بابن رسلان:

كان معرضًا عن الدنيا وبنيها جملة، تاركًا لقبول ما يعرض عليه من الدنيا ووظائفها، بل كان يمتنع من أخذ ما يرسَل إليه من المال، وسمع من جَماعة في الحديث وغيره، مع حرصه على سائر أنواع الطاعات، قال السخاوي: هو في الزهد والورع والتقشف واتباع السنة وصحة العقيدة كلمة إجماع، بحيث لا أعلم في وقته من يدانيه في ذلك، وانتشر ذكره، وبَعُدَ صيتُه، وشهد بخيره كلُّ من رآه، انتهى.

له مصنفات، منها: في "التفسير"، و"شرح لسنن أبي داود". مات في سنة 844، وحكى السخاوي في "الضوء اللامع": أنه قيل لما أُلحد، سمعه الحفار يقول: {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} [المؤمنون: 29]، ورآه حسين الكردي أحدُ الصالحين بعد موته، فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: أوقفني بين يديه، وقال: يا أحمد! أعطيتك [العلمَ]، فما عملت به؟ قال: علمته، فقال: وعملتَ به، صدقتَ يا أحمد! تَمَنَّ عليّ، فقلت: تغفر لمن صلَّى عليَّ، فقال: قد غفرتُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015