وكان داود من عقلاء الناس، قال أَبو العباس ثعلب في حقه: كان عقلُ داود أكثر من علمه، وكان يقول: خيرُ الكلام ما دخل الأذنَ بغير إذن.
وكان مولده بالكوفة سنة اثنتين ومئتين، وقيل: سنة إحدى، وقيل: ستة ومئتين، ونشأ ببغداد، وتوفي بها سنة سبعين ومئتين في ذي القعدة، وقيل: في شهر رمضان، ودفن بالشوينزية، وقيل في منزله.
وقال ولده أَبو بكر محمد: رأيت أبي داودَ في المنام، فقلتُ له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي وسامحني، فقلت: غفر لك، فبم سامحك؟ فقال: يا بني! الأمر عظيم، والويل كل الويل لمن لم يُسَامَح.
رحمه الله، وأصله من أصبهان، والله أعلم.
صاحبُ الإمام الشافعي، لكنه قليل الرواية عنه، وإنما روى عن عبد الله بن الحكم كثيرًا، وكان ثقة، روى عنه أَبو داود، والنسائي. قيل: إنه اجتاز يومًا بمصر، فطُرحت عليه إجّانة رماد، فنزل عن دابته، وجعل ينفضه عن ثيابه، ولم يقل شيئًا، فقيل له: ألا تزجرُهم؟ فقال: من استحق النار، وصولح بالرماد، فقد ربح.
توفي في ذي الحجة سنة 256 بالجيزة، وقبره بها، كذا قاله القضاعي في "الخطط"، والجيزة: بليدة في قبالة مصر - رحمه الله تعالى -.
كان من أعيان العلماء، وتولى القضاء بمكة - حرسها الله تعالى -.
وصنف الكتب النافعة، منها كتاب "أنساب قريش"، وقد جمع فيه شيئًا كثيرًا، وعليه اعتمادُ الناس في معرفة نسب القرشيين، وله غيرُه مصنفات دلت