دمشق للتوطن بها، ففاجأه الحِمام قبل نيل المرام، وكانت وفاته سنة 1041 - رحمه الله تعالى -.
ذكره الخفاجي في "ريحانة الألباء"، وامتدحه بعبارة ابتهر لها العلماء، وأنشد له أشعارًا، وقال: رأيت له نظمًا ونثرًا، ومحاسن تملأ الأفواه والأسماع دُرًّا، ومن تأليفه: "أزهار الرياض في أخبار عياض"، انتهى.
قال نعمان أفندي قساطلي في كتابه "الروضة الغناء في تاريخ دمشق الفيحاء": هو الإمامُ الأصوليُّ المحدِّث الفقيهُ الواعظُ الشهيرُ، كان إمامًا في العلوم، له مصنفات كثيرة، منها "شرح البخاري"، و"شرح الأربعين النووية"، و"طبقات الحنابلة"، و"القواعد"، و"رياض الأنس"، وغيرها، مات بدمشق، ودفن بباب الصغير عند قبر معاوية، انتهى.
قلت: وهذه الروضة مؤلفها نصراني، قد عقد فصلاً في كتابه المذكور لذكر من مات واشتُهر ضريحُه بدمشق من الأولياء المقربين، والعلماء العاملين، وذكر فيها جمعًا من حفاظ الحديث، منهم: ابنُ عساكر بن حسين بن هبة الله، وقال: هو الفخر الحافظ الكبير، أبو القاسم، إمام أهل الحديث، ألف "تاريخ الشام" في ثمانين مجلدًا، وله تآليف - غير التاريخ - بلغت ثمانية وعشرين مصنفًا، توفي سنة 571، ودفن بالحجرة التي فيها معاوية، انتهى. ومنهم: إبراهيم الناجي شيخ المحدثين بدمشق، كان إمامًا ورعًا، عارفًا بالصحابة ورجال الحديث، مات بدمشق، وقبره على الطريق. ومنهم: الشيخ عمر بن حسن الخرقي من تابعي أصحاب الإمام أحمد، ومن علماء مذهبه المعتبرين، ومن المعوَّل عليهم بالفقه، وكان زاهدًا عالمًا قانعًا بالقليل، رحل من بغداد، وسكن بدمشق، فرأى يومًا منكرًا، فأنكره، ونهى عنه، فقُتل لأجل ذلك. ومنهم: تقي الدين بن الصلاح، وهو عثمان بن عبد الرحمن الكردي الشهرزوري، كان إمامًا في التفسير والحديث والفقه، متبحرًا في الأصول، مات بدمشق سنة 544.