عليه في صعاب الأمور، وقد فاق أباه في علو الهمة وشدة البأس، إلا أنه كان أقل عزمًا ونظرًا منه، انشبك في محاربة محمد علي باشا - عزيز مصر -، وكان قد قدم الحجاز يتفقد حالة جيشه، ويأخذ بنصرته، فأثخن في بلاد الحجاز الجنوبية، وتغلب على الوهابية، وأمن الناس من شرهم، ثم عاد العزيز إلى مكة في آذار سنة 1818، عرض على ابن سعود الصلح مشترطًا عليه رد أسلاب الضريح النبوي الشريف، وإن لم يفعل، قصده في جيشه إلى الدرعية، فلم يجبه ابن سعود، بل سار في عرب نجد للقاء طوسون باشا، فإنه كان نازلاً في "خبرة" من القصيم. فنزل هو في شنانة على بعد ساعات من "خبرة"، وقطع المسالك على المصريين، وأحاط بهم، فخشُوا كثرة العدد، ورغبوا في المسالمة، ودسوا إلى ابن سعود في ذلك، فصغى لهم؛ لأنه كان قد أعجزه أمرهم، وانحاز إليهم كثير من قبائل الحجاز ونجد؛ لما بذلوه لهم من المال، فأبرم ابن سعود صلحًا مع طوسون باشا على شروط تقررت بينهما، منها: إخلاء [مكة] من الوهابية، وإباحة الحج لهم بدون معارضة، وإخلاء القصيم من المصريين، ورد مشايخ العرب الذين كانوا قد نبذوا عهده، وانحازوا إلى المصريين، والإقرار بسلطنة السلطان، وغير ذلك، وعاد طوسون باشا بجيشه من "خبرة" إلى الرص، ثم إلى المدينة، فدخلها في أواخر حزيران سنة 1815، ولم يجد أباه فيها، فإنه كان قد عاد إلى مصر لشاغل بدا له فيها، فسار رسولا ابن سعود إلى مصر، ولحقا بالعزيز فيها، وطالبا إليه التوقيع على صك المصالحة، فأبى إلا إعطاء "الأحساء" إلى الدولة، وكانت أجود بلاد الوهابية تربةً، وأوفرها خصبًا، فعاد الرسولان إلى ابن سعود، وأخبراه بما كان، فأنكر على المصريين فعلَهم، وتجهز ثانية لقتالهم، ودامت الحال هذه إلى سنة 1816.
وفي شهر آب من السنة المذكورة: سار إبراهيم باشا بن محمد علي باشا في مقدمة الجيش إلى الحجاز، وبذل وسعه في محاربة ابن سعود، والتغلب على بلاده، فآتاه الله بالفتح، وجرى بين ابن سعود، وإبراهيم باشا عدةُ وقعات انجلت عن انهزام الوهابيين، ومنها وقعة الماوية، حصلت في 12 أيار من سنة 1817،