وفطنة، وشجاعة وسيادة وفخامة، طاف البلاد، ولقي العلماء، وصحب المشايخ، وأخذ عنهم العلوم، وألف في رد التقليد رسائل ومسائل باللسان العربي المبين، وأتى فيها بالعجب العجاب، وأفحَمَ المقلدين، وأدخل عليهم العجزَ من كل باب، جاهد في الله جهادًا، وارتحل في آخر عمره إلى الحرمين الشريفين، فتوفي - رحمه الله - في الطريق في بلدة بزوده من أضلاع [أي: مقاطعات] كجرات، وقبره هناك - {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "موت الغربة شهادة"، وكانت وفاته في سنة 1277. له اليد الطولى في الشعر العربي والفارسي، كان ينظم - في ساعة نجومية - قصيدة طويلة فصيحةَ المبنى، بليغةَ المعنى، قلَّ من يقدر على إنشاء مثلها في أسبوع، بل في شهر كامل، كتب إلى علماء عصره وأدباء مصره كتبًا ورسائل لم يجمعها، وقد أوردت له أشعارًا في "إتحاف النبلاء"، وظني أن لحمه وعظمه وعصبه كلها كانت علومًا وذكاء، لم تر عيني مثلَه في جودة ذهنه، ووسعة اطلاعه، وحفظه للعلوم ومسائلها، وحضور خاطره، وبداهة طبعه، ولقد كان - والله - عديمَ النظر، وفقيد المثيل في أقرانه وأمثاله، بارعًا متقنًا في جميع أقواله وأحواله وأفعاله، بل كان تاجًا على رأس الزمن، و [هو] كاسمه أحمد وحسن، لم يلتفت إلى كتب الفروع والرأي وأهلها قط، ولم يعمل في خاصة نفسه إلا بالدليل من الكتاب والسنة، وكان له همة سامية في ذلك، وحمية نامية فيما هنالك - رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وغفر لي وله ومنحه الحسنى وزيادة -.
ذكره الفتح بن خاقان في "قلائد العقيان"، ونسبه إلى انحلال العقيدة؛ لعداوة كانت بينهما، وجعله آخر ترجمة في كتابه، فقال: هو رَمَدُ عينِ الدين، وكَمَدُ نفوس المهتدين، اشتهر سخفًا وجنونًا، وهجر مفروضًا ومسنونًا، فما يتشرع ولا يأخذ في غير الأضاليل، ولا يشرع نظر في تلك التعاليم، وفكر في