تبني شيئًا ثم تنقضه، وتقول: قد قال فلان وفلان، وتنسب ذلك إلى إمامنا أحمد - رضي الله عنه -، ومذهبُه معروف في السكوت عن مثل هذا، ولا يفسره، بل صحح الحديث، ومنع من تأويله، وكثير ممن أخذ عنك العلم إذا رجع إلى بيته، علم بما في عَيْبته من العيب، وذمَّ مقالتك، وأبطلها ... إلى قوله: فاتق الله، ولا تتكلم فيه برأيك، فهذا خبر غيب لا يسمع إلا من الرسول المعصوم، فقد انتصبتم حربًا للأحاديث الصحيحة، والذين نقلوها نقلوا شرائع الإسلام، قال: لقد آذيت عباد الله، وأضللتهم، فصار شغلك نقلَ الأقوال فحسب.
وابن عقيل - رحمه الله - قد حكى أنه تاب بمحضر من علماء وقته من مثل هذه الأقوال بمدينة السلام - عمرها الله بالإسلام والسنة -، فهو بريءٌ على هذا التقدير مما يوجد بخطه، أو ينسب إليه من التأويلات والأقوال المخالفة للكتاب والسنة.
وأنا وافد الناس والعلماء والحفاظ إليك، فإما أن تنتهي عن هذه المقالات، وتتوب التوبةَ النصوح كما تابَ غيرك، وإلا كشفوا للناس أمرك، وسيروا ذلك في البلاد، وبينوا وجه الأقوال الغثة، وهذا أمر تشوور فيه، وقضي بليل، وَالأرض لا تخلو من قائم لله بحجج، والجرحُ - لا شكَّ - مقدَّم على التعديل، والله على ما نقول وكيل، وقد أعذر من أنذر. قال: وما زال أصحابنا يجهرون بصريح الحق في كل وقت ولو ضُربوا بالسيف، ولا يخافون في الله لومة لائم، ولا يبالغون بشناعة مشنع، وكذب كاذب، ولهم من الاسم العذب الهني، وتركِهم الدنيا، وإعراضِهم عنها اشتغالاً بالآخرة، ما هو معلوم معروف، ولقد سودت وجوهنا بمقالتك الفاسدة، وانفرادك بنفسك كأنك جبار من الجبابرة، ولا كرامة لك ولا نعمة، ولا نمكنك من الجهر بمخالفة السنة، ولو استقبل الرأي ما استدبر، لم يحك عنك في السهل ولا في الجبل، ولكن قدر الله وما شاء فعل، فبيننا وبينك كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: 59]، ولم يقل: إلى ابن الجوزي ... إلى أن قال: فانتبه يا مسكين قبلَ الممات، وحسِّن