كان للصاحب ابن عباد دست من ديباج، فقال: قبيحٌ والله بالصاحب أن يكون له دستٌ من ديباج؛ فإنه وإن كان زينة، فهو معصية ومحنة. وقال ابن الدبيتي في "تاريخه": كان فاضلاً عالمًا عاملًا، ذا رأي صائب، وسريرة صالحة، وكان يقرأ عنده الحديث عليه وعلى الشيوخ بحضوره، ويجري من البحث والفوائد ما يكثر ذكره وكان مقربًا لأهل العلم والدين.
وقال ابن القطيعي: كان جميل المذهب، شديد التظاهر بالسنة، ومن كثرة ميله إلى العمل بالسنة، كان كلما اجتاز في سوق بغداد، قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير". وللوزير من الكلام الحسن، والفوائد المستحسنة، والاستنباطات الدقيقة من كلام الله ورسوله ما هو كثير جدًا، وله في أصول السنة وذم مَنْ خالفها شيء كثير.
قال ابن الجوزي في "المقتبس": سمعته يقول في قوله تعالى {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} [الحجر: 37] ليس هذا بإجابة سؤاله، وإنما سأل الإنظار، فقيل له: كذا قدر، لا أنه جواب سؤالك، لكنه ما فهم، وسمعته يقول في قوله تعالى {حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45] أهل التفسير يقولون: ساترًا، والصواب حمله على ظاهره، وأن يكون الحجاب مستورًا عن العيون فلا يرى، وذلك أبلغ. قال: وقد تدبرت قوله تعالى {لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّه} [الكهف: 39] فرأيت ثلاثة أوجه: أحدها: أن قائلها يتبرأ من حوله وقوته، ويسلم الأمر إلى الله، والثاني: أن يعلم أنه لا قوة للمخلوقين إلا بالله، فلا يخاف منهم؛ إذ قواهم لا تكون إلا بالله، وذلك يوجب الخوف من الله وحده، والثالث: أنه رد على الفلاسفة والطبائعين الذين يدعون القوى في الأشياء بطبعها؛ فإن هذه الكلمة بينت أن القوى لا تكون إلا بالله، وسمعته يقول في قوله تعالى {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف: 97] قال: التاء من حروف الشدة، تقول في الشيء القريب: ما اسطعته، وفي الشديد: ما استطعته، فالمعنى: ما أطاقوا ظهوره لضعفهم، وما قدروا على نقبه لقوته وشدته.
قال ابن الجوزي: كان الوزير يتأسف على ما مضى من زمانه، ويندم على