شيخ أهل العراق في زمانه. ولد سنة 401، وقيل: سنة 404. وقال هو: مولدي سنة 396. سمع الحديث من جماعة، وأجاز له السلميّ الصوفي، وكان جميل الصورة، وكانت له المعرفة الحسنة بالقرآن، والحديث والأصول، والتفسير، والعربية، وكان أحلى الناس عبارة في النظر، وأجرأهم قلمًا في الفتيا، وأحسنهم وعظًا، له شعر حسن، ذكره في "طبقاته"، وذكر في ترجمته بعض فتاوه، وقال: ذكر ابن الجوزي في "تاريخه": أن جلال الدولة أمره أن يكتب "بشاهنشاه الأعظم ملك الملوك"، وخطب له بذلك، فنفر العامة، ورجموا الخطباء ووقعت فتنة سنة 429، فاستفتى الفقهاء، فكتب الصيمري أن هذه الأسماء يعتبر فيها القصد والنية، وكتب أبو الطيب الطبري: أن إطلاق "ملك الملوك" جائز، ويكون معناه: ملك ملوك الأرض، وإذا جاز أن يقال: قاضي القضاة، وكافي الكفاة، جاز أن يقال: ملك الملوك، وكتب التميمي نحو ذلك، وأن القاضي الماوردي منع ذلك.
قال ابن الجوزي: والذي ذكره الأكثرون هو القياس إذا قصد به ملوك الدنيا، إلا أني لا أرى إلا ما رآه الماوردي؛ لأنه قد صح في الحديث ما يدل على المنع، لكنهم عن النقل بمعزل، ثم ساق حديث أبي هريرة في "الصحيحين".
قال ابن رجب: وابن الجوزي وافق على جواز التسمية بقاضي القضاة ونحوه، وقد ذكر شيخنا أبو عبد الله بن القيم، قال، وقال بعض العلماء: وفي معنى ذلك - يعني: ملك الملوك - كراهيةُ التسمية بقاضي القضاة، وحاكم الحكماء، فإن حاكم الحكماء في الحقيقة هو الله تعالى، وقد كان جماعة من أهل الدين والفضل يتورعون عن إطلاق قاضي القضاة. وحاكم الحكماء؛ قياسًا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك، وهذ حض القياس.
قلت: وكان شيخنا أبو عمرو عبدُ العزيز بنُ محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني الشافعي قاضي الديار المصرية وابن قاضيها؛ يمنع الناسَ أن يخاطبوه