ولا عصب" 1 لأن هذا الحديث ناسخ لما قبله لأنه كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهر وذلك على نحو ما رواه ابن عكيم، كما أن لفظه يدل على ما سبق الترخيص والمقرر أن اللاحق ينسخ السابق وأن الثابت هو الأخذ بأحد الأمرين وهو عدم الانتفاع مطلقاً من الميتة بشيء، هذا فضلاً عن أنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة2 "إني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" 3 وفي التاريخ الكبير للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليهم: "ألا تنتفعوا من الميتة بشيء" 4 5.
ونوقش هذا: بأن حديث عبد الله بن عكيم مرسل وذلك لعدم سماع عبد الله من
النبي صلى الله عليه وسلم، فضلاً عن اضطراب سنده ومتنه، فتارة يقول عن كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، وتارة يقول عمن قرأ الكتاب، وأخرى عن مشيخة من جهينة وأن الأكثر رواه من غير تقييد، ومنهم رواه بتقيد شهر أو شهرين أو أربعين يوماً أو ثلاثة أيام يدبغ، وبهذا يمكن الجمع بينه وبين الأحاديث الأخرى فينتفي التعارض بينهما.
أو أن هذا الحديث عام في النهي عن الانتفاع بالميتة مطلقاً، والأحاديث التي سبق ذكرها كحديث ابن عباس، وحديث ميمونة مخصصة لهذا النهي بما قبل الدباغ مصرحة بجواز الانتفاع بعد الدباغ، والخاص مقدم على العام سواء تقدم أو تأخر، وهذا فضلاً عن أن الأحاديث التي ثبتت الدباغ أصح إسناداً وأكثر رواة، وسالمة من الاضطراب، فهي أقوى وأولى من حديث عبد الله بن عكيم، ولأنها أيضاً عن سماع،