وجب أن لا يجوز الوطء في الدبر من أجل ما فيه من الأذى الذي هو بمنزلة دم الحيض أو أشد منه. وعلى قياس هذا القول تأتي رواية مطرف عن مالك أن الغسل لا يجب في ذلك إلا بالإنزال. والذي يأتي على قياس إباحة ذلك أن يجب الغسل فيه وإن لم ينزل إذا جاوز الختان الشرج، وعليه يأتي ما وقع في كتاب الإيلاء من المدونة من أن المولي يكون فايئا بالوطء في الدبر ويسقط عنه به الإيلاء. وللخلاف الحاصل في هذه المسألة قال مالك في هذه الرواية: وليس هذا بكلام يتكلم به عند كل من جاء. والذي خشي مالك من هذا أن يسمع قوله بتحليل ذلك فيشيع في الناس فيستبيحه العوام دون امتثال ما يلزم كل واحد منهم في ذلك من تقليد من يستفتيه. وإذا استفتى فقد يستفتي من يرى خلاف مذهبه في ذلك فيكون أخذه بمذهبه أخلص له، لأن ما اختلف العلماء في تحليله وتحريمه فالأخذ بتحريمه أحوط، لأنه من المتشابه الذي قال النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه: «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات فمن اتقى المشتبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه» الحديث. وقد مضى في رسم التسليف في الحيوان والطعام المضمون من سماع ابن القاسم الكلام على معنى قوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] وبالله التوفيق.
ومن كتاب أوله إن خرجت قال: ولا بأس باشتراء الماء إذا منعته ولم تقو عليه، فقلت إنهم يبيعونه منا على سقي دواب مسماة بدرهم، ومن الدواب ما يشرب الكثير ومنها ما يشرب القليل ومنها ما لا يشرب شيئا، فقال لا