واحد. ثم قال في آخر المسألة: وأخبرني مطرف عن مالك في الوطء في الدبر أنه لا غسل عليه إلا أن ينزل، فكتب ذلك كله في الكتاب على ما كتبه مصحفا معمى بقلب الأحرف، جعل الألف مكان الواو، والواو مكان الألف حيث وقع من الكلام، وفعل ذلك في الهاء واللام، وفي العين والحاء، وفي الكاف والميم، وأبقى سائر الحروف على حالها. فإذا تدبرت التعمية التي وقعت في الرواية على هذا الذي ذكرته أتى لك الكلام على ما حكيت، وفعل ذلك لئلا يقرأه كل أحد فيستبيحه الناس وليس بأمر متفق عليه، قد حرمه جماعة من العلماء، منهم الليث بن سعد، فإنه كان يرى إحلال هذه المسألة حراما، ومنهم ابن وهب فإنه قال كل من أتى امرأة في غير مخرج الولد ومن حيث تكون الحيضة فهو ملعون عند الله عز وجل. وإنما قال ذلك، والله أعلم، لما روي عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في محاشهن، ملعون من أتى النساء في غير مخارج الأولاد» إلا أنه حديث ليس من صحيح الحديث. وقد اختلف في ذلك قول مالك، فروي أنه قيل له حمل عنك أنك تبيح ذلك، فقال كذب علي من قاله، أما تسمع الله تبارك وتعالى يقول: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] هل يكون الحرث إلا في موضع الزرع، لا يكون الوطء إلا في موضع الولد. وهذا القول أصح في النظر، لأنه إذا لم يجز الوطء في الفرج في حال الحيض من أجل الأذى بنص قول الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015