ووقف ثمنها لصاحبها، فإن لم يأت وأيس منه تصدق به عنه، جاء ذلك عن عثمان بن عفان، وروي ذلك عن مالك أيضا قال: من وجد بعيرا ضالة فليأت به الإمام يبيعه ويجعل ثمنه في بيت المال، يريد بعد أن يعرفه. قال أشهب في مدونته: وإن كان الإمام غير عدل فليتركه حيث وجده. وإنما اختلف الحكم في ذلك بين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان لاختلاف الأزمان لفساد الناس، فكان الحكم فيها في زمن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وخلافة عمر بن الخطاب أن لا تؤخذ، فإن أخذت عرفت، فإن لم تعرف ردت حيث وجدت؛ ثم كان الحكم فيها في زمن عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما ظهر من فساد الناس أن تؤخذ وتعرف فإن لم تعرف بيعت ووقفت أثمانها. وكذلك ينبغي أن يكون الحكم فيه اليوم إن كان الإمام عدلا، وإن كان الإمام غير عدل يخشى عليها إن أخذت لتعرف تركت ولم تؤخذ.
وإن كان إنما يخشى على ثمنها إن بيعت أخذت فعرفت فإن لم تعرف ردت حيث وجدت. وقد مضى هذا كله بزيادة عليه في رسم الأقضية من سماع أشهب من كتاب الأقضية. وبالله التوفيق.
في الإقبال على الدعاء
قال مالك: جاء رجل إلى عامر بن عبد الله بن الزبير وهو يدعو فجلس إليه ومعه دراهم وكتاب فصول عنده، ثم كلمه الرجل فأخذ الدراهم فجعلها تحت رجله ثم أقبل على الدعاء، فلما فرغ كلمه الرجل قال: فما استطعت أن تكلمني ثم تقبل على صلاتك، فقال: هذه أخذة الشيطان، إني قد جربت هذا، يأتي الرجل فأكلمه ثم يأتي آخر حتى يذهب الدعاء. ورأيته يدعو وعليه إزار وقطيفة في الشتاء كلما وقعت جبذها على منكبيه، وكان من دعائه: يا باقي يا دائم يا حي لا يموت لا تبطل دعائي ولا تضيع مسألتي.