أنت أخي حقا لم تغيرك الدنيا. ويروى أنه قال: كلنا غيرته الدنيا غيرك يا أبا عبيدة. وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» . والمعنى في هذا أنه في أرفع مراتب الأمانة، ولا أحد أرفع مرتبة منه فيها، ولا يمتنع أن يكون غيره من الصحابة في مرتبته من الأمانة. وهذا مثل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أبي ذر: «ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر،» لأن المعنى في ذلك أنه في أعلى مراتب الصدق، فلا ينتفي أن يكون في أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من هو في الصدق مثله، وإنما ينتفي أن يكون غيره أعلى مرتبة منه في الصدق. وبالله التوفيق.
في الحكم في البعير الضال قال مالك: أرسل الحسن بن زيد يسألني عن رجل أصاب ثلاثة أبعرة ضالة فقال إنها قد أكلتني، فاستشارني فيها، فأمرته أن يأمره أن يرسلها حيث أصابها.
قال محمد بن رشد: ثبت «عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه قال في ضالة الإبل: ما لك ولها معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتكل الشجر حتى يلقاها ربها» . والاختيار فيها أن لا تؤخذ، فإن أخذت عرفت، فإن لم تعرف ردت حيث وجدت، جاء ذلك عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأخذ به مالك في أحد قوليه، وهو قوله في هذه الرواية وفي المدونة وفي رسم الأقضية من سماع أشهب من كتاب اللقطة؛ وقيل إنها تؤخذ وتعرف فإن لم تعرف بيعت