لتعتد فيه؛ والمسألتان في المدونة، الأولى في كتاب الاعتكاف، والثانية في كتاب طلاق السنة؛ والوجه في ذلك أنها قد دخلت في عمل بر لزمها إتمامه، فلم يجز لها إبطاله؛ لقوله عز وجل: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] ، ولقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] ، وهذا ما لا اختلاف فيه، كما أنه إذا سبق الطلاق أو الموت - الاعتكاف والإحرام، لم يصح لها أن تحرم، ولا أن تعتكف، حتى تنقضي العدة؛ لأنها قد لزمتها، فليس لها أن تنقضها، وبالله التوفيق.
ومن كتاب نذر سنة وسئل مالك: عن الصيام قبل الاستسقاء أمما يعمل به؟ قال: ما سمعت إنكارا على من عمله.
قال محمد بن رشد: الصيام قبل الاستسقاء مما لم يأت به أثر عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، ولا عن الخلفاء الراشدين المهديين بعده، وإنما هو أمر أحدثه بعض الأمراء، فاستحسنه كثير من العلماء؛ فعله موسى بن نصير بإفريقية حين رجع من الأندلس، فاستحسنه الجذامي وغيره من علماء المدينة؛ وإلى هذا ذهب ابن حبيب، قال: استحب للإمام أن يأمر الناس قبل بروزه بهم إلى المصلى، أن يصبحوا صياما يومهم ذلك؛ ولو أمرهم أن يصوموا ثلاثة أيام - آخرها اليوم الذي فيه يبرزون، كان أحب إلي، والمعلوم من مذهب مالك إنكار هذه الأمور المحدثات كلها، من ذلك أنه كره في سماع ابن القاسم القراءة في المسجد، والاجتماع يوم عرفة بعد العصر في المساجد للدعاء، والدعاء عند خاتمة القرآن، فيحتمل ما في هذه الرواية من قوله ما سمعت إنكارا على من