يصلي فيه الجمعة؛ قال مالك: يعتكف في قريته، أحب إلي من صلاته الجمعة بالفسطاط.
قال محمد بن رشد: رأى الاعتكاف له أفضل من صلاة الجمعة بالفسطاط، لما كان ممن لا يجب عليه الإتيان إلى الجمعة لبعد منزله من الفسطاط، وهذا على مذهبه في أن الاعتكاف لا يختص بالمسجد الذي تجمع فيها الصلوات، لعموم قوله عز وجل: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ} [البقرة: 187] ... الآية. فإذا كان ممن لا يلزمه الإتيان إلى الجمعة، أو ممن لا تجب عليه الجمعة، أو كان اعتكافه أياما يسيرة لا تدركه فيها الجمعة، جاز له أن يعتكف في غير المسجد الذي تجمع فيه الجمعة، فإن مرض في تلك الأيام ثم صح فغشيته الجمعة قبل أن يفرغ من اعتكافه، خرج إلى الجمعة - ولم ينتقض اعتكافه - قاله ابن الماجشون، ورواه ابن الجهم عن مالك؛ قيل: لأنه دخل بما يجوز له، بخلاف ما لو دخل لاعتكاف أيام تأخذه فيها الجمعة، هذا يخرج إلى الجمعة ويبتدئ اعتكافه، قاله ابن الماجشون أيضا. قيل: لأنه دخل بما لا يجوز له، وقد قيل: إن ذلك اختلاف من القول؛ ولا فرق بين أن يدخل بما يجوز له، أو بما لا يجوز له؛ وأما الاعتكاف في مساجد البيوت، فلا يصح عند مالك لرجل ولا امرأة، خلاف قول أبي حنيفة في أن المرأة تعتكف في مسجد بيتها، وبالله التوفيق.
مسألة
وسئل: عن المعتكفة إذا طلقت أو مات عنها زوجها، أترى أن تخرج؟ قال: لا تخرج بعدما دخلت الاعتكاف، لا من وفاة، ولا من طلاق؛ وكذلك المرأة المحرمة.
قال محمد بن رشد: يريد بقوله: وكذلك المرأة المحرمة، أن المحرمة إذا طلقت أو مات عنها زوجها في الطريق، تنفذ لوجهها ولا ترجع إلى بيتها،