فيما جاء في قول الرجل هلك الناس وسئل مالك عن تفسير: «إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم» قال: ما أرى ذلك فيما أرى، والله أعلم، إلا أن يقول: هلك الناس، أي إني خير منهم. قال: وأما إذا قال هلك الناس تحزنا عليهم فلا بأس.
قال محمد بن رشد: الحديث الذي جاء هذا فيه وسئل مالك عن تفسيره هو حديث أبي هريرة في جامع الموطأ أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا سمعت الرجل يقول: هلك الناس فهو أهلكهم» وتفسير مالك صحيح لا اختلاف أعلمه في أن معنى الحديث، إذا قال ذلك إعجابا بنفسه، واحتقارا للناس. وأما إذا قاله إشفاقا على من بقي، لقلة الخير فيهم، وتحزنا على من مضى لكثرته فيهم، فليس ممن جاء الحديث فيه، والله أعلم. وقد قال مسلم بن يسار: إذا لبست ثوبا فظننت أنك فيه أفضل منك في غيره، فليس الثوب هو لك. قال مسلم: وكفى بالمرء من الشر أن يرى أنه أفضل من أخيه.
في خشية عمر بن عبد العزيز قال مالك: صلى بالناس عمر بن عبد العزيز المكتوبة، فقرأ بهم: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] فلما بلغ: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 14]