النفس، والحديث الذي جاء هذا فيه. هو حديث مالك الذي رواه في موطئه عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك، عن خالد بن معدان يرفعه: «إن الله تبارك وتعالى رفيق يحب الرفق ويرضى به، ويعين عليه ما لا يعين على العنف، فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فأنزلوها منازلها، فإن كانت الأرض جدبة فانجو عليها بنقيها، وعليكم بسير الليل، فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار، وإياكم والتعريس على الطريق، فإنها طرق الدواب، ومأوى الحيات» وقوله في الحديث «ويعين عليه ما لا يعين على العنف» والعنف لا يحبه الله ولا يرضى به. والمعنى فيه إن الله يعطي صاحب الرفق من بلوغ حاجته التي يستعين بها على أمور دينه ودنياه، ما لا يعطي لصاحب العنف، يريد بهذا التأويل قوله في الحديث: «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى» . وسائر ما في الحديث أدب أرشد النبي عليه السلام إليه المسافر، من أن ينزل الدواب منازلها في الخصب لترعى فيه، وتقوى على المسير، ويسرع السير عليها في الجدب قبل أن تضعف، فلا تقدر على السير. وحض على السير بالليل؛ لأن الدواب إذا استراحت بالنهار نشطت على المشي بالليل، وكان أخف عليها من المشي بالنهار، فقطعت فيه من المسافة ما لا تقطع في قدره من النهار. فهذا هو معنى قوله: «فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار» . إذ لا تطوى على الحقيقة لا في الليل ولا في النهار إلا للأنبياء معجزة وللأولياء كرامة.