ومن كتاب العتق قال عيسى: قلت لابن القاسم: لو أن رجلا وهب لرجل عبدين هبة ثواب، أو وهب له ثوبين، فأقاما في يديه أياما ثم ارتفعت لهما قيمة، وسوق، فأعطاه الموهوب له أحد العبدين، أو أحد الثوبين مثوبة له، قال عيسى: ليس له أن يعطيه أحد عبديه ثوابا أو أحد ثوبه ثوابا. قلت: وإن ارتفعت قيمة أحدهما حتى يكون مثل قيمتهما يوم وهبهما، قال: نعم، إلا أن يرضى الواهب.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، لو أراد أن يرد أحدهما ويعوضه من الآخر، كان الأدنى، أو الأرفع، لم يكن له ذلك على مذهبه في المدونة، وهو الصحيح في القياس والنظر، خلاف قول أصبغ في نوازله بعد هذا من هذا الكتاب؛ لأنه قادر على أن يأخذهما أو يردهما جميعا، فليس له أن يأخذ أحدهما ويرد الأخرى كما لو بيعا على الخيار، أو كما لو استحق بين يدي المشتري فأراد المستحق أن يأخذ بعضها ويجيز البيع في بعضها، بخلاف استحقاق أحد الثوبين أو العبدين، أو الباقي لازم للمشتري، إذ لا قدرة للمستحق إلا ما استحق خاصة، فإذا لم يكن له أن يشبه من أحدهما، ويرد إليه الآخر، فأحرى ألا يكون له أن يرد أحدهما ولا يشبه من الآخر؛ لأنه إنما ملك في أن يردهما جميعا أو يعوضه منهما جميعا، فليس له سوى ذلك. وبالله التوفيق.
مسألة قلت لابن القاسم: ما أمر الهبة ومكثها عند الذي وهبت له حتى يجب عليه ثوابها؟ قال: قال مالك: إذا تغيرت بنماء أو نقصان، قلت لابن القاسم: وإن طال مكثها، قال: نعم. قال